5099 حالة طلاق شهدتها المحاكم العراقية الشهر الماضي دعوات لتشخيص الخلل ودراسة الأسباب التي تؤدي الى الطلاق والتفريق

بغداد – الصباح الجديد:
إذا كان القانون يعرّف الطلاق على أنه انحلال الرابطة الزوجية، فإن الواقع يعرفه على أنه الباب الذي يخرج منه استقرار العائلة، وهو نفس الباب الذي يدخل منه الأطفال الى عالم المجهول! نعم، فالطلاق أسهل طريق لتهديم العائلة، وتفكيك كيان الأسرة. وكلما كانت حالات الطلاق كثيرة في مجتمع من المجتمعات، كلما كان أقرب الى الفوضى والتفكك والتردي. وكلما قلت تلك الحالات، كلما كان متماسكا، قويا، يشهد الاستقرار النفسي والاجتماعي. والطلاق هو باب وضعه الله سبحانه وتعالى للزوجين، في حال وصلت علاقتهما الزوجية الى طريق مسدود، فمثلما شرع لهما الاجتماع تحت سقف واحد في حال توفرت لهما الظروف الشرعية والاجتماعية لذلك، وضع لهما الآلية الشرعية والقانونية في حال انتفت تلك الظروف أو تلاشت من حياتهما، لكن الافراط في الطلاق، وازدياد الحالات الى درجة مخيفة، يجعل من الجهات المعنية، مطالبة بالتدخل الفوري والمباشر، لا لوقف تلك الحالات بشكل سريع، بل على الأقل لدراسة الأسباب التي أدت الى كثرة تلك الحالات، ووضع العلاجات المستقبلية لها.
الاحصائيات الشهرية التي ينشرها موقع السلطة القضائية مشكورا، هي المصدر الوحيد للكشف عن عدد حالات الطلاق والزواج والتفريق التي تشهدها المحاكم، وهي مصادر مهمة وموثوقة، يفترض بكل الجهات المعنية، خصوصا الحكومية ومنظمات المجتمع المدني قراءتها بشكل دقيق وتشكيل لجان لدراستها بشكل مستفيض، لغرض تشخيص الأسباب الحقيقية لكثرة حالات الطلاق، ولعل مجلس القضاء الأعلى، من أكثر الجهات التي تعلن عن استعدادها التام للتعاون مع أي جهة حكومية أو منظمة مجتمع مدني، لتقديم خدمة للمجتمع. ولعل آخر إحصائية للمجلس تظهر ارتفاعا كبيرا في عدد حالات الطلاق والتفريق خلال الشهرين الماضيين والشهر الحالي. إذ أن شهر كانون الأول شهد 5099 حالة طلاق في كافة أنحاء البلد، عدا محاكم الإقليم! هذا الرقم الكبير، يستدعي من الجميع التدخل الفوري والمباشر في السعي على الأقل لدراسة أسباب كثرة الطلاق، وما هي المبررات التي يقدمها الزوج لكي يقوم بتطليق زوجته، وتحمل الآثار الاجتماعية والمادية الكبيرة التي يخلفها هذا القرار الصعب والمؤثر بحق نفسه وزوجته وأولاده إن وجدوا. نحن في العراق، نفتقد لجهات مختصة بمتابعة هذه الأمور، رغم أهميتها، نفتقد للجهة التي تدرس واقع المجتمع، وما يعانيه من ضغوط اجتماعية واقتصادية وحالات خاصة، تدعو الزوج الى تطليق زوجته والزوجة الى طلب التفريق من زوجها، نفتقد الى جهات هي تذهب الى المريض، ولا تنتظر المريض يذهب اليها، نعم هنالك وزارة الداخلية تتولى مسؤولية معالجة حالات العنف الأسري وهنالك الشرطة المجتمعية، وهنالك الباحث الاجتماعي داخل المحكمة الذي يتولى دراسة كل حالة على حدة، لكن ليس هنالك جهة تتولى مراجعة أحكام دعاوى الطلاق والتفريق، لدراستها وبيان الأسباب التي تدفع الزوج لإنهاء الرابطة الزوجية، لا توجد لدينا جهات تدرس واقع المجتمع وتقدم له الحلول الكفيلة بتقليل حالات الطلاق، الذي يخلف أطفالا تائهين، وزوجات يوصفن بالمطلقات، وأزواج يسعون الى زواج ثان، مع ما يعانونه من الزواج الأول، والمشاكل الاجتماعية التي ستحصل في المستقبل، وسعي بعض الزوجات التي استغلال القانون، عبر المطالبة بالنفقة لها ولأطفالها، بغض النظر على إمكانية الزوج، الذي قد يدفع شهريا ما يعادل راتبه أو مصدر دخله كله لصالح طليقته، أو يتعرض للحبس اذا امتنع عن الدفع. وإذا قلنا أن هذا الشهر سجل هذا العدد الكبير من حالات الطلاق، فإن الشهور السابقة، سجلت أعدادا أكبر من هذا الرقم، وما ننتظره هو تحرك بعض المنظمات التي تتباكى على حقوق الانسان والمرأة، لعلها تدرك أن الطلاق أكبر خطر يواجه الأسرة بأكملها، لكن لا أحد يتحرك للسعي نحو التقليل من حالاته.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة