العفو العام والفصل العشائري!

سلام مكي

تساءل أحد مقدمي البرامج الحوارية قبل أيام عن جدوى إقحام نص في قانون العفو العام الجديد، يتضمن اعتبار مضبطة الفصل العشائري الموقع عليها من قبل أطراف الدعوى، بمثابة تنازل من قبل ذوي المجنى عليه، وبين أن هذا النص، يدخل القضاء في متاهات وأمور لا علاقة له بها، حيث يمكن لأي عشيرة تقدم باسمها مضبطة تنازل أن تطعن بصحة تلك الوثيقة، مما تتولد مشاكل جديدة نحن في غنى عنها. للأسف هذا الإعلامي وغيره، يجهلون الكثير من الأمور التي تحصل داخل المجتمع، كونهم بعيدين عن الواقع، ولا صلة لهم بالتفاصيل الدقيقة التي تحصل داخل مجالس الفصول العشائرية أو بعدها، فهنالك الكثير من الحالات التي يجتمع الخصوم في مجلس واحد، ويتفقون على قيمة محددة للدية، ويتم دفعها كاملة، مقابل قيام المدعين بالحق الشخصي بالتنازل أمام المحكمة المختصة في اليوم التالي، لكن هذا لن يحدث، إذ يتم يقوم أهل المجنى عليه باستلام الدية، لكنهم لا يتنازلون عن الدعوى أمام محكمة التحقيق أو الجنايات، نكاية بالجاني! وهذا ما حصل في كثير من المرات، ولعل من وضع نصوص قانون العفو العام، أخذ بنظر الاعتبار مثل هكذا حالات، أو وردته مناشدات إنسانية، وتواصل مع ذوي الجاني الذين قاموا ببيع بيوتهم وسياراتهم وكافة ممتلكاتهم لغرض تأمين الدية، على أمل حصول التنازل وفقا للاتفاق، لكن الطرف الآخر أخل بهذا الاتفاق، وتمسك بدعوته رغم قبضه الثمن، في مخالفة صريحة للسنن العشائرية والأعراف وتعاليم الدين. المشرع العراقي هنا، أراد معالجة هذا الموضوع، عبر جعل الوثيقة العشائرية والمؤيدة بتأييد مديرية شؤون العشائر في المحافظة بمثابة تنازل صريح من ذوي المجنى عليه، وبالتالي يشمل المحكوم بالعفو العام، حتى وإن لم يحصل التنازل أمام المحكمة المختصة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الطعن بتلك الوثيقة، إلا بالتزوير، وهو أمر بغاية الصعوبة، لأن فعل التزوير يتطلب تزوير تواقيع شيوخ ووجهاء الطرفين، وتزوير توقيع مديرية شؤون العشائر التي لا تؤيد الوثيقة إلا بعد التأكد من صحتها! بالتالي فإن هذا النص، يساعد حالات كثيرة على إعطائها حقها.

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة