تاريخ التخدير عبر العصور الإنسانية

متابعة – الصباح الجديد:

وصل البشر إلى الكلوروفورم بعد طريق طويل استعمل الأطباء خلاله وسائل مختلفة للتخدير بما في ذلك ضربة على الرأس تفقد الوعي، أو تحقيق ذلك بتناول الكحول.

في الأزمنة القديمة استخدمت أساليب محتفلة لتخفيف آلام المرضى وكانت تستعمل في جميع الحالات من دون النظر إلى مدى صحة المريض وقدرته على التحمل.

في روما القديمة على سبيل المثال، كان المعالجون والأطباء قبل إجراء أي تدخل جراحي، يضربون المريض بعصا على رأسه كي يفقد الوعي، ويتسنى إجراء العملية الجراحية من دون صراخ وعويل وآلام. هذا النوع من التخدير بضرب الرأس كان يتولاه أشخاص مدربون بشكل خاص حتى لا يؤدي مثل هذا الضرب على الرأس إلى وفاة المريض أو فقدانه العقل.

في العصور الوسطى، جرى استعمال عقاقير تحتوي على الكحول في عمليات التدخل الجراحي. التخدير بالكحول لم يفقد المرضى الوعي تماما لكنه جعل آلامهم أخف قليلا.

لاحقا حتى القرن الثامن عشر تم إجراء معظم العمليات الجراحية من دون تخدير تماما، ما أدى إلى عواقب مأساوية تمثلت في صدمات مرجعة تسببت في وفيات متكررة. علاوة على ذلك كان من يقوم بالعمليات الجراحية يضطرون إلى الإسراع في عملهم، مدفوعين بإشفاقهم على معاناة المرضى، ما تسبب في حدوث مضاعفات خطيرة وإلى أخطاء بسبب التسرع.

مطلع القرن التاسع عشر، اخترع الجراح البريطاني هنري هيكمان طريقة فعالة جزئيا إلا أنها عنيفة ومثيرة للجدل. الطريقة كانت تمارس على الحيوانات فقط، وتجري بالضغط قليلا على الحلق، ما يؤدي إلى حالة شبه اختناق. الحيوان بهذه الطريقة يفقد وعيه بالفعل ولا يشعر بأي ألم. هذه الطريقة القاسية لم يجرؤ أحد على تجربتها على البشر.

تأثير أكسيد النيتروس المعروف بغاز الضحك صادف أن استعمله الساحر الأمريكي غاردنر كولتون في إحدى استعراضاته على أحد المتطوعين لتسلية الحاضرين. المتطوع سقط من الكرسي فجأة وأصيبت ساقه إلا أنه لم يشعر بالألم. لاحظ طبيب أسنان محلي يدعى هوراس ويلز هذا التأثير وقرر محاولة تطبيقه في الممارسات الطبية.

مع ذلك، أول عملية باستخدام التخدير الطبي جرت في وقت متزامن مع الحادث السابق بمركب آخر وكان ذلك في 30 سبتمبر عام 1846. المادة المخدرة كانت ثنائي إيثيل الأثير التي تعرف أحيانا باسم الأثير. طبيب الأسنان الأمريكي ويليام مورتون في تلك المناسبة استعمل هذه المادة وهي عبارة عن سائل شفاف ذي طعم حارق ويبطئ العديد من عمليات التمثيل الغذائي، كمسكن لخلع سن.

لاحقا تبين أن الطبيب الأمريكي كروفورد لونغ كان استعمل ثنائي إيثيل الأثير في عمليات جراحية لإزالة الأورام وفي عمليات على الأسنان، إلا أن تجاربه تلك لم يعلن عنها، ولذلك لم يعلم أحد بما حققه.

الكلوروفورم كان استخدم عمليا لأول مرة في 12 نوفمبر عام 1847 في عملية توليد مستعصية. الطبيب الأسكتلندي جيمس يونغ سيمبسون جعل المرأة تستنشق القليل من مركب الكلوروفورم لتصحيح وضع الجنين قبيل الولادة. العملية جرت بنجاح وولدت طفلة بصحة جيدة.

الخبراء يقولون: إن الكلوروفورم على الرغم من أن استعماله في التخدير توقف بسبب سميته العالية ونطاق عمله المنخفض إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية اكتشافه في ذلك الحين.

التخدير السائد الآن، تعرفت عليه البشرية في القرن العشرين. جرت دراسة جميع الخيارات المستخدمة سابقا بدقة كبيرة، وبناء على ذلك جرى ابتكار واكتشاف مستحضرات طبية خاصة بالتخدير بمختلف أنواعه مثل البروكايين ونوفوكائين وليدوكائين. هذه المستحضرات العصرية المستخدمة في التخدير فعالة وهي في نفس الوقت آمنة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة