وداد ابراهيم
تعد عائلة (مسودنية) من أشهر العائلات التي عملت في (سوق الصياغ) الكائن خلف سوق السراي ويتخذ مساحة واسعة تمتد الى خلف المتحف البغدادي.
يقول الصائغ رعد حليم داود احد افراد عائلة مسودنية: عائلتي كلها كانت تعمل في (سوق الصياغ) كان العمل فيه يبدأ مبكرا وكأنه خلية نحل، حركة وحياة ذهبية مفعمة بالربح والمال، وواجهات عرض الذهب تتنافس بعرض الجديد في كل موسم، وبما يتناسب والذوق العراقي، عمل لا ينتهي في عدد كبير من ورش الصياغة وبمكائن خاصة بالذهب، والمنافسة كبيرة في عمل موديلات لاقراط واساور وسلاسل ذهبية جديدة ومبتكرة من امهر الصناع والحرفيين. يضعون على الأرض شبكة يتجمع عليها الذهب الناعم الذي يتساقط خلال عملهم اليومي.
وتابع: عائلتي غادرت السوق بل هاجرت نهاية التسعينات من القرن الماضي واخر اشقائي غادر مكان عمله بعد احداث عام 2003 وانا تركت العمل بالذهب لان السوق وقتها خلا من الورش والتجار والزبائن على حد سواء، الا قليل منهم ظل يتعامل مع الفضة، بالنسبة لي ولاني احب التعامل مع صياغة الذهب فاتجهت الى صياغة الفضة ايضا للتعويض.
ويجد الصائغ كريم هاشم عبود ان سوق الصاغة عمل فيه اشخاص من شتى الطوائف وقال: في الستينيات كان يعمل في هذا السوق اشهر الصاغة اليهود واخرهم يعقوب اليهودي (يشير بيده الى دكان صغير فيه مصوغات من الفضة) وعمل فيه اشهر الصاغة مثل (ناصر معيدي وناصر مهدي وفيصل لعيبي وقدوري حاضر وعائلة مسودنية وسيد محسن وصاحب شنبات) وهم من الصابئة، وعمل معهم أولادهم وحتى احفادهم، كان السوق يزدحم بالزبائن والتجار من بغداد وعموم العراق، والسوق بشكل مربع كبير يمتد من خلف سوق السراي الى المتنبي ويصل الى خلف المتحف البغدادي، والشراء كان بالجملة والمفرد، لكن اخر مسمار دق في نعش سوق الصياغ كان عام 2003 حين غادره كثير من الصاغة من أصدقائنا من طائفة الصابئة وأغلقت محالهم وتحول بعضها الى مخازن. الان السوق للفضة فقط، او لبيع بعض الأحجار الكريمة التي توضع في الخواتم. رواد السوق قلة بل اجده سوق ميت حاله مبك.
ذلك السوق الذي تحدثنا عنه من ضمن المناطق التراثية في بغداد، وهنا معضلة اذ يقول علاء محمد من دائرة الاثار والتراث: المنطقة الواقعة ما بعد وزارة الدفاع والقشلة وحتى المتنبي والمرقة 114 تسمى (جديد حسن باشا) وهي نسيج تراثي بغدادي يحمل صفات الأبنية البغدادية التي تمتاز بصغر حجمها وتلاحمها وتلاصقها، حسب قانون الاثار لا تتم أي عملية ترميم او تأهيل لأبنية تراثية تعود لأشخاص، فيما توقف شراء الأبنية التراثية للظروف المالية التي تمر بها دائرة الاثار.
2003.. آخر مسمار دُقَّ في نعش الذهب
التعليقات مغلقة