يأتي كتاب “تقنيات الكتابة القصصية للطفل”، الصادر حديثًا عن مؤسسة عبدالحميد شومان، ويتضمن وقائع ورشة العمل التي نظمتها المؤسسة حول تجربة الكتابة للطفل، بهدف الاطلاع على تجارب حقيقية وواقعية ممن كتبوا للأطفال في فئاتهم العمرية المختلفة.
الكتاب يضم تجارب 13 متخصصاً / متخصصة في حقل ثقافة الأطفال وأدبهم، تعالج مساهماتهم في مجملها أكثر القضايا والإشكالات المتعلقة بهذا الحقل على نحوٍ تفصيلي يستند إلى الخبرة والممارسة سواء من المنظور الأدبي/الإبداعي، أو التربوي/الاجتماعي، مع ما يقتضيه هذا الحقل من تحديد الفئة العمرية وما يستتبعه ذلك من ترتيبات ثقافية وتربوية ولغوية وأدبية وفنية.
وشارك في الكتاب الذي جاء في 126 صفحة، كل من: هيا صالح، سمر دودين، تغريد النجار، عبير الطاهر، د. راشد عيسى، سيرسا قورشا، وسام سعد، سوزان غاوي، د. محمد الظاهر، هدى الشاعر، د. لانا المبيضين، د. محمود الرجبي، سنان صويص.
وجاء على غلاف الكتاب “نأمل أن يكون نشر هذه الأوراق والتجارب خطوة إضافية في تعميم نتاجات هذه الورشة المهمة والفاعلة، وتمكين المهتمين بالكتابة للأطفال من الاطلاع على تجارب ممن كتبوا للأطفال، والإفادة منها في جوانبها الإيجابية والسلبية والخروج برؤى إبداعية تخدم فكرة كتاب الطفل وتطوره”. واحتوى الكتاب على تقديمٍ للقاصة واستاذة الأدب العربي د. أماني سليمان، قالت فيه “تبدو الكتابة للأطفال حقلاً إبداعياً شائكاً وحيوياً في الوقت نفسه؛ ذلك أن الكاتب الذي يُقْدِم عليه محتاجٌ إلى قدر عالٍ من الوعي بأهمية الكتابة للطفل، وبتشعّبات هذا الحقل بين مجالات متعددة: أدبية وتربوية واجتماعية”.
واعتبرت سليمان أن الكتابة للأطفال أصعب وأعقد من الكتابة للكبار، رغم ما قد يتراءى في ظاهرها من بساطة خادعة؛ فإذا كان “كاتب الكبار” حراً في أسلوب كتابته وتوجهاتها ورسائلها، فإن “كاتب الأطفال” محكوم بحاجات الطفل ونموه الانفعالي والمرحلة العمرية المستهدفة، مثلما هو مهموم بمجموعة القيم الإنسانية المرغوبة والمتَّفق عليها بين التربويين والمتخصصين.
يضم الكتاب ورقتين للكاتبة هيا صالح، جاءت الأولى بعنوان: “القصة المصورة للأطفال”، للفئة العمرية من (4-7) سنوات، رأت فيها أن السرد الموجه لهذه الفئة على وجه الخصوص يمثل تحديا أمام الكاتب لما تتطلبه الكتابة لها من مراعاة لمتطلبات تطوير مهارات الإدراك والنمو المتوازن، ولدور القصة المصورة في تنمية قدرة الطفل.
أما الورقة الثانية فألقت صالح فيها بعض الضوء على سمات القصة الموجهة لهذه الفئة العمرية، وأهمية القصة الموجهة للطفل، وعناصرها وكيفية كتابتها، وبعض المقترحات الخاصة بذلك.
واشتمل الكتاب كذلك، على ورقتين للكاتبة تغريد النجار، جاءت الأولى بعنوان “الكتابة لليافعين: تحدٍ ومتعة”، ابتدأتها بوقفة عند مرحلة المراهقة التي حددتها من عمر 12 حتى 18 عاما، والسمات الجسدية والنفسية والعقلية التي يتسم بها المراهق وآثارها عليه. أما ورقتها الثانية فجاء عنوانها “تقنيات كتابة القصة للطفل من 8- ١١سنة”، رأت فيها أنه ينبغي على كل من يريد خوض هذه التجربة معرفة خصائص المرحلة التي يتوجه إليها، وأن يتمتع بموهبة وخيال واسعين، ومعرفة بعالم الطفل.
وفي ورقة “العنوان والبداية والفكاهة في قصة الطفل” انطلق د. راشد عيسى من سؤال: كيف نكتب للأطفال، لا ماذا نكتب للأطفال؟ لأنه يعني أسلوب الكاتب في عرض القصة وهو المسؤول الأول عن نجاحها؛ إذ يحقق المتعة والتسلية وهما الهدف الأساسي من الكتابة، كما يحقق الاستجابة لمجموعة القيم التربوية والمعرفية والسلوكية التي يطرحها الكاتب.
ضم الكتاب أيضا، ورقة للكاتبة والرسامة وسام سعد، بعنوان “ثقافة الطفل”، وقفت فيها عند سؤالين مركزيين أولهما: من يشكل ثقافة الطفل؟ مستعرضة المنابع التي يستمد منها الطفل ثقافته سواء في محيط أسرته الصغير أو في محيط العالم المتغير من حوله، وثانيهما: من يكتب للأطفال؟ مشيرة إلى ضرورة التعامل مع الطفل بوصفه قارئا ذكيا يحتاج من الكاتب إلى وعي واهتمام بعقله وحاجاته.
الأثر الفعال لسرد القصص
في ورقته المعنونة بـ “الكتابة للأطفال والكتابة عن الأطفال: سيناريوهات متعددة تصبّ في نهر الإبداع”، أوضح الكاتب محمد الظاهر أنه عند الحديث عن الكتابة عن الأطفال والكتابة للأطفال، يجد الكاتب نفسه أمام سيناريوهات متعددة ومتداخلة، وأي خلل فيها يمكن أن يقود الكتابة إلى متاهات كثيرة، فالكتابة عن الأطفال تحتم على الكاتب أن يكون على وعي تام بالقدرات التي يتمتع بها الطفل.
أما د. لانا المبيضين فأكدت في ورقتها المعنونة بـ “نحو جيل مبتكر قادر على مواجهة تحديات القرن ٢١ بذكاء”، أهمية تعليم مهارات التفكير الإبداعي والابتكار في منح الفرد الفرصة لتنمية قدراته إلى أقصى حد ممكن، وإثبات قدرته على التفكير والتواصل، والتعبير عن كل ما يجول في خاطره.
ونبّهت سمر دودين، في ورقتها التي جاءت بعنوان “أدب الطفل بين الإبداع والوعظ والإرشاد” إلى خطر الوعظ والإرشاد المباشرين، وإلى ضرورة اتباع طرق إبداعية غير مباشرة في سبيل إيصال الرسالة التربوية، مع الإقرار بتأثير الكتابة الإبداعية في الاتجاه الفكري والقيمي للطفل.
فيما توقفت الكاتبة عبير الطاهرة في ورقتها المعنونة بـ “كيف نكتب للأطفال؟” عند أنواع القصص حسب الأعمار، ومراحل الكتابة، وعرضت لبعض الأفكار والأساليب التي يفضل الكتابة فيها، وطرحت من واقع تجربتها بعض النصائح والتوجيهات العامة والمهمة لكتابة الطفل.
وتوقفت أخصائية الطفولة والإرشاد التربوي سيرسا قورشا في ورقة بعنوان: “أدب الأطفال”، عند الأثر الفعال لسرد القصص على آلية التواصل مع الأطفال، وأهميته في المحافظة على الصحة العاطفية، وتطوير المهارات المعرفية، وزيادة الروابط الإيجابية بين الطفل وعائلته.
كما اشتمل الكتاب على ورقة بعنوان “الكتابة للأطفال والكتابة عن الأطفال: الشخصية الرئيسية في القصة” للكاتبة سوزان غاوي، توقفت فيها عند الشخصية الرئيسية في قصص الأطفال وأنواعها وأنماطها وأدوارها، بوصفها العنصر المركزي فيها والذي تتمحور حوله الأحداث جميعها.
لكن الكاتبة والرسامة هدى الشاعر، توقفت في ورقتها المعنونة بــ: “العلاقة بين النص والصورة في كتب الأطفال”، عند سؤال جدلي يقابل بين النص والصورة: أيهما أهم في كتب الأطفال: النص أم الصورة؟ وناقشت فيه دور كل من الكاتب والرسام في إثراء كتاب الطفل، مؤكدة أهمية الصورة في كتاب الطفل.
وناقش محمود أبو فروة في ورقته المعنونة بـ “العنوان والبداية والفكاهة: ما بعد كتابة القصة، الإجراءات العملية”، مجموعة من التحديات التي تواجه كاتب القصة ليصل إلى قصة جاذبة قَادرة على لفت انتباه الطفل وتشويقه.