احلام يوسف
عندما كنا صغارا كانت احلامنا وطموحاتنا بسيطة بقدر حجم تفكيرنا، فلم نكن ادركنا معنى الحياة ومسؤولياتها، حتى ان البعض منا كان يحلم بأن يكون قرصان بحر فلم يعرف عنه الا انه يجوب البحار في سفينة شراعية ولديه قوة كبيرة ويخافه الناس.
سألنا مجموعة من الرجال والنساء وبأعمار متباينة عن احلام طفولتهم وكيف ينظرون اليها اليوم؟
مهدي الجبوري “61 عاما” يقول ان حلمه الكبير عندما كان طفلا هو ان يكون لديه شارب كثيف مثل ابيه! واضاف: عندما كنت انظر الى ابي وهو يتحدث والاخرين ينصتون له كنت اظن ان شاربه هو من وضع له مكانة عالية لدى الناس ولا ادري من اين جاءتني تلك المعلومة المضحكة. الطريف بالأمر اني ومنذ بلوغي سن الثامنة عشر كنت احلق شاربي ولا استسيغ ابدا ان يكون لدي شارب، وعندما اتذكر حلمي وانا طفل اضحك كثيرا واستغرب حجم البراءة والسذاجة لدى الاطفال.
عمر عبد العزيز “32” حلمه كان ان يصير طبيبا لسبب واحد الامساك بسماعة الاذن وقال: لا اعرف كان لسماعة الاذن تأثير عجيب لدي قد يكون السبب اني كنت من الاطفال غير الاصحاء لذلك فزياراتي الى الطبيب كانت تتكرر شهريا واحيانا في اقل من شهر تأخذني امي مرتين الى الطبيب، فكنت اظن ان من يمتلك سماعة الاذن لا يمكن له ان يمرض. كبرت، وتحول الامر الى شيء اخر تماما، شعرت بعقدة من الاطباء، وصرت اكره الطب حتى اني لم اكتبها ضمن الخيارات في استمارة القبول بعد السادس علمي مع ان معدلي كان يؤهلني لدخول كلية الطب لكني اخترت الهندسة عليها.
اما لمياء البهادلي “45” فكان حلمها مضحكا وغريبا اذ قالت” كلما اتذكر ما كنت احلم به واطمح اليه وانا طفلة اضحك من نفسي واحيانا انعتها بصفة الغباء، اذ كان حلمي ان اجلس على الكرسي او الاريكة وتلامس قدمي الارض، فكان الامر عقدة وانا انظر الى قدمي وهما معلقتان في الهواء، اليوم اتحسر على تلك الايام فما ان لامست قدمي الارض حتى توالت علي المسؤوليات اذ تزوجت بعمر الـ “17” وكان لدي ثلاثة اولاد وانا بعمر الثانية والعشرين، ولو اتمنى اليوم شيئا، فهو العودة الى الطفولة لأرمي بمسؤوليتي على امي وابي “الله يحفظهما” فلم اكن اعلم انهما يجاهدان كي يضمنوا لنا حياة كريمة.
امنيات الصغار واحلامهم، تكبر وتتعقد بمرور السنين، المهم ان نتذكر ان بعضا من احلامنا تحقق بالفعل، وما تبقى من احلام مؤجلة او ملغية يجب ان نسعى لتحقيقه بطريقة مغايرة فقد يكون التأجيل او الالغاء بسبب طريق خاطئ سرنا به وجهلنا بوجود غيره.