احلام يوسف
كل واحد منا حتى من يزعم انه كتاب مفتوح، لديه سر في حياته، يحتفظ به ولا يريد لاحد ان يعرف تفاصيله، بصرف النظر عن حجمه وخطورته.
ما الذي يدفعنا الى اخفاء بعض الحقائق في حياتنا؟ هل هو الخوف؟ ام الحرص او انعدام الثقة بالآخر؟
مايكل سليبيان الأستاذ المحاضر في كلية الأعمال في كولومبيا اقدم بالتعاون مع فريقه البحثي على طرح سؤال لثلاث مجموعات من 200 متطوع، عما اذا كانوا يحتفظون بأسرار في حياتهم تتعلق بـ 38 فئة شائعة، مثل الكذب، وتعاطي المخدرات، والسرقة، والخيانة وغيرها، ووجد الباحثون أنه في المتوسط، كل شخص يحتفظ بـ 13 سرًا، خمسة منها لم يخبروا احدا بها ولن يقدموا على هذا يوما ما. بالطبع فإن حجم وعدد الاسرار يختلف من دولة الى دولة اخرى، باختلاف العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية.
يقول هشام النقاش الباحث في الطب النفسي: ان العلم يفيد بان الاسرار تأخذ حيزا من الدماغ، ينشغل بها وقد تؤذيه ان كان من فئة خطيرة، اعني السر، وهناك أبحاث اوردت ان كتمان الأسرار يمكن ان يتسبب بسوء الحالة المزاجية كالاكتئاب والقلق وسوء الصحة البدنية، فبعض الأبحاث تفيد بان الأسرار تتزاحم كأفكار داخل الدماغ عندما يخلو الشخص الى نفسه، وتكون ضعف ما هي عليه في حال كان بصحبة افراد، ما يعني أننا ننفق المزيد من الطاقة العقلية في التفكير في أسرارنا من حيث اهميتها او خطورتها، والخوف من اشاعتها يوما ما.
هناك دراسات نُشرت في مجلة The New Yorker اكدت أن للشخص الاعتيادي 47% من أسراره تنطوي على انتهاك الثقة، وأكثر من 60% تنطوي أسراره على الكذب، و33% على سرقة، أو علاقة خفية، أو السخط في العمل من المدير، أي ان الكثير منها يمكن ان نزيل حمله بمجرد ان نكون اكثر ثقة واكثر ايجابية، ونبتعد عن ارتكاب الخطأ لنكون افضل.
يذكر النقاش ان بعض الاسرار لا تتعلق بالشخص نفسه بل يمكن ان تكون بمنزلة امانة إئتمنا عليها من احد الاصدقاء، وهذا يحتمل أن الاضرار التي يسببها كتمان السر تتعلق بالشعور بالذنب بسبب اخفائنا تفصيلة من حياتنا عنهم، خاصة ان كان السر يتعلق بأحد ضد اخر. المهم في الأمر ان حمل ثقل السر يمكن ان نخففه بلجوئنا الى شخص محل ثقتنا، ان نوزع الحمل فيما بيننا، ما من شأنه تقليل الاحساس بالذنب ايضا، فيمكن حينها ان نحصل على نصيحة تزيح هم السر عنا بنحو مطلق، خاصة واننا في بعض الاحيان نهول بعض الامور، ونصورها على انها كارثة، مع انها امر طبيعي يمكن تجاوزه.
تبقى الاسرار جزء من حياتنا حتى وان ازحنا هم الكثير منها، يبقى جزء منها داخلنا، المهم ان نعطيها قيمتها، لا نستهين بها ولا نرسم لها صورة مضخمة.
السر هم نبحث عمن يشاركنا حمله مهما كان حجمه
التعليقات مغلقة