محطة بغداد العالمية للسكك الحديد
سمير خليل
برغم سحابات الظلام التي مرت عليها تبقى بغداد حاضرة بتاريخها وإرثها
وشواهد عراقتها وأصالتها، ما اكسبها هوية خاصة سمت بها على المدن والحواضر
وتزدهر عاصمتنا الحبيبة بشواهدها الجميلة التي تتناثر على اديم شوارعها وامكنتها العابقة بعطر التاريخ والازمنة الجميلة التي أطرت تاريخ هذه المدينة العريقة.
المحطة العالمية للسكك الحديدية أحد هذه المعالم الجميلة التي تفترش ركنا دافئا وسط مدينة بغداد، شاهدها قبة تتوسط برجين يحملان ساعتين تؤشر عقاربهما ودقاتهما تاريخا مليئا بالحوادث المؤلمة المفرحة.
وضع الحجر الاساس لبناية المحطة العالمية لسكك الحديد، عام 1948وانجز عام 1952 بتصميم انجليزي، وهي توأم لمحطتين بنيتا ايضا بعد الحرب العالمية الثانية احداهما في الهند، والثانية في لندن، وتتشابه المحطات الثلاث في كل شيء.
يضم برجا المحطة اثنين من الساعات احداهما تحمل ارقاما هندية عربية، والثانية تحمل ارقاما انجليزية وتشابه دقات ساعاتي المحطة العالمية في بغداد ساعة بغ بن الشهيرة في لندن.
تعرضت الساعتان كحال بناية المحطة للسلب والنهب والحرق بعد العام 2003 ولكن بجهود ابناء السكك الحديدية العراقية اعيدت الحياة اليهما بعد جلب أجزاء بدل التالفة من بريطانيا وهما اليوم بكامل عافيتهما.
في المبنى قبة كروية مقطوعة (طاسة) ومنخفضة نسبيا، غطي بها البهو الرئيس، وهذا العنصر الأزرق الفيروزي وهب المبنى سمة محلية تتواشج مع السماء في رمزيتها، وتعد إنشائيا من أمهات المنتج العراقي الدهري مثل عنصري العقد والطاق.
سميت بالمحطة (العالمية) لان فكرة إنشائها كانت تدور بشأن انطلاق القطارات منها إلى دول العالم وتربط بين الشرق والغرب، وتحمل اسم بغداد.
شهدت المحطة احداثا تاريخية كثيرة، منها يوم تسيير ما سمي بقطار الموت عام 1963 والذي انطلق منها وهو يحمل مجموعة من المناضلين الوطنيين باتجاه السماوة ثم معتقل نقرة السلمان، كما شهدت التظاهرة التي قام بها الشباب العراقيون الذين رفضوا الالتحاق بوحداتهم العسكرية ابان الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي.
وتوالت اشكال وانواع القطارات التي انطلقت من هذه المحطة وتدرجت قطاراتها من البخارية التي كانت تعمل بالفحم الى المترية التي كان عرض سكتها الحديدية مترا واحدا، ثم القياسية التي بلغ عرض سكتها رقما قياسيا هو 20،1 متر.
يذكر ان اول قطار سار بين بغداد وسميكة الدجيل كان عام 1914، وبين بغداد والبصرة عام 1920، وبين بغداد وكركوك عام 1925، اما اول قطار انطلق من بغداد صوب اسطنبول التركية كان بتاريخ 1/7/1940.
كما تشكلت اول ادارة للسكك في العراق في ايلول عام 1916 تحت سيطرة القوات العسكرية البريطانية، ثم انتقلت ادارة السكك في العراق من عهدة الجيش الى الادارة المدنية البريطانية في 1/4/1920، بعدها انتقلت ملكية السكك الى الحكومة العراقية في 16/4/1936واصبحت تسمى (سكك حديد الحكومة العراقية) وصار ذلك اليوم عيدا لسكك الحديد العراقية تحتفل به كل عام.
تألف اول مجلس ادارة للسكك الحديد في تموز عام 1936 وضم آنذاك وزير الاقتصاد ومديري الحركات والتجارة. ورئيس اركان الجيش ومدير البلديات العام ومدير البناء والملاحة والسكك ومستشار وزارة المالية.