شعرت بالورطة ! بعد ان كتبتُ مقالا قبل أسابيع حمل عنوان «انهم جنود البوبجي» ، استعرضت خلاله المخاطر الاجتماعية والاقتصادية وحتى الأمنية التي تسببت بها هذه اللعبة الإلكترونية ، كما دعوت من خلال المقال «الورطة» الجهات ذات العلاقة الى اتخاذ إجراءات لمنع هذه اللعبة والألعاب الأخرى المشابهة لها .. ومؤدى ورطتي يعود الى انني عندما كتبت المقال ، لم يكن يدر بخلدي ،ان متعاطي لعبة «البوبچي» اصبح تعدادهم اكثر من تعداد قواتنا الأمنية بجميع صنوفها !! وبالتالي فإن من يتعرض لهم ربما يدفع الثمن باهضا» ، لذلك كنت اقرأ نظرات الغضب في عيون «جنود البوبچي» أينما حللت ، وفي أي مكان أتواجد فيه ، فهم -كما تعلمون- قد انتشروا في جميع المفاصل والمباني والمنشآت الحيوية وغير الحيوية ، وفي الساحات العامة وفي الأسواق وفي مؤسسات الدولة كافة ، وفي الكيات والكوسترات والباصات ذات الطابق الواحد والطابقين !! .. حتى انني خالجني شعور باني سأتعرض الى «دگة بوبچية» بعيدا عن أنظار القانون ، أو انني سأجد عبارة مكتوبة «بالبوية» على باب البيت «مطلوب للبوبچية» !!.. ولم أتحرر من تلك الهواجس ، الا في الأسبوع الماضي عندما قرر مجلس النواب وبالإجماع إصدار قرار يقضي بحظر عدد من الألعاب الإلكترونية ، في مقدمتها لعبة «البوبچي» ، إضافة الى لعبتيّْ «الفورتنايت» و»الحوت الأزرق» وان كان مركز الإعلام الرقمي نفى وجود اللعبة الأخيرة ، عادا إياها إشاعة انطلقت قبل بضعة أعوام ولا وجود لها في الواقع
وبصرف النظر عن حقيقة وجود هذه اللعبة ، أو عدم وجودها ، فان قرار مجلس النواب يعد خطوة سليمة ، وان عدّها البعض انها غير ممكنة التطبيق في ظل صعوبة السيطرة على العالم الافتراضي ، ولكن بنحو عام ، ان كرة «البوبچي» أصبحت الان في ساحة الحكومة ، وتحديدا في ملعب وزارة الاتصالات وهيأة الإعلام والاتصالات ، ولا اعتقد ان مهمة مثل هذه تعد سهلة ، في ظل وجود الكثير من المشكلات والإشكالات التي تكتنف العلاقة بين الجهات الحكومية المعنية وبين شركات الاتصالات ، فضلا عن وجود اصوات كثيرة تعارض وبشدة لقرار حظر البوبچي ، بدعوى انه يمثل تجاوزا على الحريات الشخصية ، ما دعا عدد من المحامين الى التقدم برفع دعوى قضائية بحق أعضاء مجلس النواب الذين صوتوا على قرار الحظر .
ولكن على الرغم من كل هذه التحديات التي من المحتمل ان تواجه قرار الحظر هذا ، الا اننا نعدها خطوة مهمة باتجاه ضبط الكثير من القضايا التي تؤثر سلبا على حياة الناس ، كما ان مثل هذه الإجراءات مطبّقة في الكثير من الدول ، وبعضها دول متقدمة ، حفاظا على مجتمعاتها ، ومن هنا ، أدعو «البوبچية» الى ان يتواروا عن الأنظار ، فلحظة القبض عليهم باتت وشيكة ، بعد ليلة إصدار قرار حظرهم من الظهور العلني .
عبدالزهرة محمد الهنداوي