وثائقي يروي ما عاشوه من أجواء رهيبة في نظام «الخلافة»
القاهرة ـ وكالات:
يكتشف الصغار فجأة أن هذا القاتل الصغير الذي يظهر على الشاشة الصغيرة كان رفيقهم من أشهر قليلة فقط. في آذار (مارس) 2015، ظهر رايان الفرنسي (12 عاماً)، الذي غادر إلى سوريا مع أمه وزوجها، في فيديو شديد الفظاعة وهو يعدم سجيناً لـ «داعش»! كانت فرنسا يومها ما تزال تحت صدمة اعتداءات مجلة «شارلي ايبدو» وها هي تكتشف أن أطفالها تحولوا إلى جلادين. سنة بعدها ظهر ولدان آخران يقومان بالعملية ذاتها بدم بارد.
خمسمئة طفل فرنسي في «رعاية» داعش، ثلثهم تقريباً ولد في العراق أو سوريا والبقية أتوا مع آبائهم أو اختطفوا من عائلاتهم، كما يخبرنا الفيلم الفرنسي «أطفال داعش» لدورثي لبين وسيمو هاليه (عرضته المحطة الفرنسية الخامسة هذا الأسبوع).
وثائقي يهتم بالصغار والآلية التي تعتمدها «داعش» لغسيل دماغهم ليشكّلوا «جنود المستقبل»، كما يلتقي بعضهم من الذين انتزعوا من جحيم الحرب واعيدوا إلى أهلهم في فرنسا وبلجيكا وكردستان العراق وتركيا.
أطفال ويافعون يحكون ما عاشوه من أجواء رهيبة في نظام «الخلافة»، كما لو كانوا يروون قصة اعتيادية، من هنا تأتي الفظاعة!
بعض العائدين كانت «داعش» جندته وشارك في الحرب، وبعض آخر لم يجنّد من دون أن يعني هذا أنه لم يشهد الويلات.
أحدهم من كردستان العراق نسي لغته لكنه لم ينس زجر أمه بسبب الحجاب وأبيه بسبب التدخين، وآخر عمل جاسوساً على عائلته لحساب «داعش» أو فقد صديقاً فجّر نفسه.
استعمل الأطفال في الحرب ليس بظاهرة جديدة، لكن «داعش» أعطته أبعاداً أخرى أكثر فظاعة وتدميراً، فهم يعملون باكراً جداً على قتل الإحساس بالعنف لدى الأطفال.
في فيديو لـ «داعش»، يعرضه الفيلم، يظهر طفلٌ وهو يجزّ رأس دبه الصغير، فيما يعلق أحدهم «تكبير»! الطفل، على وفق طبيب النفس والأعصاب الذي استضافه الفيلم، يحول فيما بعد الدب إلى الإنسان، ويستبدل عند الكبر اللعبة بالشخص.
يستضيف الفيلم أطباء نفس وأعصاب ومؤرخاً وقاضية وباحثة اجتماعية ويستعمل شرائط إعلامية لـ «داعش» يظهر فيها الأطفال لتحليلها.
يؤكد هؤلاء أن استخدام الصغار دائماً في الحروب يعود إلى كلفتهم الأقل وسهولة التحكم بهم مقارنة بالكبار، إذ ليس للطفل من خيار إلا التأقلم بالمحيط.
ويتم تلقين الصغار وتعليمهم التطرف وغسل أدمغتهم بيسر، ويمرّ الأطفال عبر مراحل منها المدرسة التي ليست سوى وسيلة للتلقين الديني والتمارين العملية على السلاح.
يبحث الفيلم أيضاً في كيفية تنظيم عودة هؤلاء القاصرين إلى بلادهم على نحو أفضل.
ويبين محاولات في فرنسا وبلجيكا لإعادة تأهيلهم، إذ يقدر عدد الأجانب الأوروبيين في «داعش» بخمسة آلاف يشكل الفرنسيون 40 في المئة منهم، كما يقـدر عـدد الأطفال ممن هـم دون الثامنـة بمئة. ومنذ سنة عادت 13 عائلة «جهادية» إلى فرنسا تضـمّ 30 طفلاً معظمهم تحـت الخامسـة.
أن يعتاد الأطفال في لعبهم على تلوين قنبلة ورشاش، وأن تفسر طفلة فرنسية في الخامسة كانت مع أختها في الرقة أن قتل «داعش» الناس يعود إلى أنهم «كفار (قالتها بالعربية) شريرون جداً»، وأنها لم تكن تخاف من فيديو قطع الرؤوس، فهذا مبعث قلق كبير لما تسببه عودة الصغار للسلطات الفرنسية من همّ، إذ يرى مختصون أن بعض هؤلاء قد يكون «قنبلة موقوتة». هذا من دون الحديث عن عودة الكبار.