الجوع وقذائف الهاون تعمّق معاناة سكنة الأحياء غير المحررة
نينوى ـ خدر خلات:
بعد اضطراره للتراجع من بعض الاحياء بأيمن الموصل قام تنظيم داعش الارهابي بنقل العشرات من جرحاه من المستشفيات وتوزيعهم على منازل متفرقة بعمق الايمن، فيما تتعمق معاناة الأهالي بالاحياء غير المحررة بسبب الجوع والقصف المتبادل بالهاونات، في حين تكشف تحرير بعض الاحياء عن وحشية داعش وحرقه لكل شيء قبل تراجعه هارباً.
وقال مصدر امني عراقي مطلع في محافظة نينوى الى “الصباح الجديد” ان “تنظيم داعش الارهابي، وقبيل هربه من حي وادي حجر، قام بنقل العشرات من جرحاه على عجالة من مستشفى الموصل (المستشفى العسكري سابقا) وقام بتوزيعهم في مناطق بعمق الجانب الايمن مثل السرجخانة والشعّارين، وفي المحال التجارية فيها التي حولها لمشافٍ ميدانية مؤقتة”.
واضاف “وبعد انسحابه وهربه من المستشفى العسكري قام باضرام النيران في ردهاته لتدمير الوثائق والمستندات وغير ذلك من المعلومات التي تهدد كيانه وعصاباته الاجرامية، فضلا عن قيامه بحرق معمل المشن في المنطقة نفسها “.
وتابع “كما لوحظت صور مؤلمة بسبب سياسات الارض المحروقة التي يمارسها العدو قبل هربه من بعض المناطق تحت وقع ضربات قواتنا المشتركة والطيران الحربي العراقي والدولي، حيث انه يزعم انه يحرق كل شيء للحصول على سحابات من الادخنة، لكنه يدمر ممتلكات الاهالي فضلا عن تدمير المؤسسات الحكومية العامة”.
ولفت المصدر الى انه “تم العثور على عشرات السيارات المدنية المحروقة، مع عشرات المنازل المدمرة بسبب النيران التي اشعلها عناصر داعش فيها، واغلب هذه البيوت اصبحت آيلة للسقوط ولم تعد تصلح للسكن، علماً ان اغلبها تعود لمواطنين مهجرين او لعائلات لهم ابناء في سلكي وزارة الدفاع او الداخلية”.
على صعيد آخر قال الناشط الحقوقي والمدني الموصلي لقمان عمر الطائي لـ “الصباح الجديد” ان “معاناة سكان الاحياء غير المحررة بالجانب الايمن تزداد وتتعمق يوماً بعد يوم آخر، حيث ان اكبر هواجسهم هو الجوع الشديد وقذائف الهاون”.
واضاف “مصادر القصف هو من الطرفين، لكن عصابات داعش تتحمل المسؤولية عن ذلك، لانها نصبت مفارز الهاون في الاحياء الشعبية المكتظة بالسكان وفي باحات المدارس التي يحتجز داعش فيها عشرات العائلات الذين يجبرهم على التقهقر معه للاحتماء بهم”.
واشار الطائي الى ان “الخسائر المادية بايمن الموصل ستكون اكبر مما حصل في الجانب الايسر، بسبب وجود 12 حياً سكنياً قديمًا (شعبياً) والبيوت اصلا قديمة وتتأذى من وقع الانفجارات العنيفة، علماً ان طيران التحالف الدولي يستعمل قنابل ارتجاجية احياناً ينتج عنها دويّ هائل جدًا بهدف إبطال مفعول او تفجير العبوات التي زرعها عناصر داعش الارهابي”.
وبخصوص الجوع الذي يفتك بأهل الموصل، يتداول ناشطون موصليون مشاهدات مقاتل عراقي في اثناء اسهامه بانقاذ السكان الهاربين من الاحياء الساخنة، والذي قال في مشاهداته “لم أتماسك نفسي وأجهشت بالبكاء بعد رؤيتي ﻷهالي أحياء (وادي حجر و المنصور) ليسوا بشراً بل أشباح شاحبة الوجه، الجوع أثر بهم ووجوههم تحوي جلداً وعظماً فقط، وكلامهم بطيء وصوتهم منخفض، ورأيت الفرق بينهم وبين أقرانهم في الجانب اﻷيسر، وعلمت أن الجوع كافر وأنا الذي لم أذق طعم الجوع يومياً كوني من عائلة متوسطة الدخل، وهالني منظر طفل يبلغ من العمر (8) سنوات عندما رأيته وهو يحاول إخراج كل قطرة ممكنة من علبة عصير صغيرة أعطاه إياها رفيقي في الواجب “… “وكذلك رأيت طفلا رضيعًا شاحب الوجه ووالدته تبدو في حالة صحية مزرية فوضعت يدي في جيبي وأخرجت مبلغاً من المال وقدمته لها فرفضته قائلة “شكرًا اخي مستورة والحمدلله، لكن اذا كنت تريد مساعدتي فإنني احتاج الى طبيب كي يكشف على طفلي الصغير الذي يعاني من الجفاف”.