مطر ..مطر

سمير خليل

“مطر، مطر، أتعلمين أي حزن يبعث المطر؟ وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر؟ وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟ بلا انتهاء كالدم المراق، كالجياع؟ كالحب، كالأطفال، كالموتى هو المطر؟”

مذ كنا أطفالا ونحن نتغنى بقصيدة السيّاب، الشاعر المرهف، وعندما وضعنا خطوتنا على عتبة الشباب، كنا نردد هذه القصيدة ونهديها لمن يرتجف قلبنا لهم، كنا نتعمد بالمطر ولا يحلو لنا المسير الا تحت زخاته التي تتهادى على وجوهنا زهورا رومانسية، هكذا كنا وكان المطر.

لكن هذا المطر أخلّ باتفاقنا، فقد أصبح قدومه مصدر وجل وخوف، مع إيماننا بأنه هبة الخالق عز وجل للأرض والانسان والحيوان والنبات، أصبحت مدننا تغرق عند غزارة المطر، يدخل الى بيوتنا بدل أن يدخل القلوب، يبعثرنا، يتلف أشياءنا، كتبنا وملابسنا وفراشنا.

كل هذا ودوائرنا ومؤسساتنا الخدمية عاجزة عن احتواء الامطار رغم جهودها بداية كل موسم، لكن يبدو أن هذه الجهود غير كافية لدرء مخاطر المطر عند هطوله بغزارة، ولكن الحق يقال أن حوضيات أمانة المدن تنزل الى الشوارع مع اشتداد هطول الامطار في محاولة لتنظيف هذه الشوارع من مياه الامطار وتسهيل حركة الناس والمركبات.

الاستعداد لموسم المطر يجب أن يتسلح ببنى تحتية ملائمة من مجاري تصريف المياه الى شوارع وأرصفة معبدة بشكل سليم، والأهم من هذا إنشاء أماكن لاحتواء مياه الامطار التي يمكن الاستفادة منها فيما بعد.

كلنا يعرف قصة البؤساء للكاتب الكبير فيكتور هيجو، ما زلت أتذكر مشهدا من فيلم البؤساء عندما ينقذ بطله ” جان فالجان” الشاب ” ماريوس” حبيب ” كوزيت” بعد هجوم الشرطة على مظاهرة شارك بها ماريوس وأصيب خلالها فحمله فالجان وهرب به من خلال مجاري باريس، أتذكر أن تلك المجاري كانت من السعة انها تستوعب مرور شاحنة كبيرة فيها، فهل تغرق باريس عند هطول المطر؟.

عام بعد عام تشتد أزمة الامطار في عراقنا الحبيب والتي أصبحت هاجسا لدى الناس وخاصة تلك العوائل التي تسكن في بيوت بسيطة ربما لا تستطيع مواجهة سيول الامطار التي تغرق حتى المناطق الراقية فكيف بالمناطق الأخرى؟ هذا الامر يستوجب تظافر كل الجهود لمواجهة مشكلة الامطار ونحن والدوائر المعنية يمكن أن نجد حلولا بناءة ونحن قادرون على ذلك.

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة