م.م عامر هاتو الازيرجاوي*
تعد مرحلة نمو الطفل من أكثر الفترات أهمية في تشكيل شخصيته وتوجهاته الفكرية والعاطفية، وفيما يتعلق بتقديم القصص له، فإنها تتطلب انتباهًا خاصًا لأبعاد نفسية وعقلية تتطور مع مرور الوقت. ينمو الطفل ويتغير في مداركه واختياراته، ما يستدعي تكييف النصوص الأدبية بما يتناسب مع مراحل تطوره. يمكن تقسيم هذا النمو إلى ثلاث مراحل رئيسية، ولكل منها خصائصها التي تميزها في طريقة استيعاب القصص والتفاعل معها.
1. مرحلة الطفولة المبكرة: (عالم الخيال والتقليد)
تبدأ هذه المرحلة في سن الثالثة وتنتهي بنهاية الخامسة من العمر، وفي هذه الفترة يعيش الطفل في عالم خيالي يعكس تطور خياله الإيهامي، حيث يصعب عليه التمييز بين الواقع والخيال، قد يرى في العصا حصانًا، أو يتخيل الجمل وهو يراه في صورة، حيث تعتمد هذه المرحلة على المحاكاة والتقليد في التعلم، فالطفل يمتص من البيئة المحيطة به بأدوات بسيطة، ويبدأ في التعرف على الكلمات الأساسية والأصوات.
في هذا السياق، يجب أن يكون الأدب الموجه للطفل في هذه المرحلة حافلًا بالصور الملونة والكلمات السهلة التي تساهم في تقوية ارتباطه بين الصورة والمعنى، لذا من المفيد أن نقدم له قصصًا تحتوي على صور حية وواقعية للحيوانات أو الأشياء البسيطة التي يمكنه إدراكها، ما يساعده في فهم العالم بشكل أساسي.
2. مرحلة الطفولة المتوسطة: (الخيال الحر والنمو المعرفي)
تبدأ من السنة السادسة وحتى الثامنة، وهنا يبدأ الطفل في التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي، ويمكنه الآن رؤية حصان حقيقي بدلًا من مجرد تخيله، ويميل إلى محاكاة الأشياء من حوله بشكل أكثر واقعية، وفي هذه المرحلة يدخل الطفل المدرسة، وتزداد رغباته في الاستفسار والتعلم، حيث يبدأ في بناء معرفته عن العالم من خلال أسئلة مستمرة.
لقد أصبح الطفل في هذه المرحلة قادرًا على القراءة، مما يعزز فرص تقديم قصص تحتوي على نصوص مكتوبة تربط الصورة بالكلمة، وهو ما يساعد الطفل على فهم الأحداث بشكل أعمق، ويجب أن تقدم له القصص التي تثير خياله، وتساعده في توسيع مداركه المعرفية، على أن تكون محفزة وتعكس جوانب من الواقع الملموس مع لمحات من الخيال.
3. مرحلة الطفولة المتأخرة (الخيال المطلق والمغامرات)
تبدأ هذه المرحلة في سن التاسعة وتستمر حتى الثانية عشرة، وهي مرحلة تكاملية للنمو الفكري والعاطفي. يصبح الطفل في هذه الفترة أكثر استقلالية في تفكيره ويستطيع أن يميز الواقع بشكل دقيق، تزداد خبراته الثقافية ويبدأ في تعلم القراءة والكتابة بشكل أكاديمي، كما يتطور اهتمامه بالقصص التي تحتوي على مغامرات، بطولات، وأبطال يسعون لتحقيق العدالة والشجاعة.
يجب أن تتنوع القصص في هذه المرحلة لتشمل مغامرات مثيرة، مع التركيز على غرس القيم الإنسانية النبيلة مثل الوفاء، الصدق، والعدالة، كما يتوجب على الكاتب أن يعرض في قصصه نماذج إيجابية تحفز الطفل على التمسك بالقيم الأخلاقية وتشجعه على الابتعاد عن السلوكيات السلبية والعدوانية، ففي هذه المرحلة، يشكل الأدب أداة قوية لتطوير الشخصية وتحفيز السلوكيات البناءة.
وخلاصة لما ذكرناه إن كل مرحلة من مراحل نمو الطفل تستدعي أسلوبًا خاصًا في تقديم القصص بما يتوافق مع تطور قدراته المعرفية والعاطفية من خلال تكييف القصص مع احتياجات كل مرحلة، يمكن للطفل أن ينمو بشكل صحي ومتوازن عقليًا وعاطفيًا، ما يساهم في بناء شخصيته بطريقة إيجابية.
*تدريسي في جامعة ميسان
مظاهر القصة المناسبة للطفل في مراحل نموه

التعليقات مغلقة