وداد ابراهيم
يبقى شهر رمضان شهر الخير والعطاء، وشهر الرحمة والعبادة، فهو يتميز بنكهة خاصة وهيبة وحضور بارز في يوميات العائلة العراقية. أينما ذهبت، تشعر بأجوائه في السوق، والعمل، والشارع، لكن أكثر ما يميزه هو حضوره على مائدة الإفطار، حيث تظل العادات والتقاليد سائدة على مر العصور، لما لهذا الشهر من طقوس واحترام. وأهم ما يميز رمضان هو اجتماع العائلة حول مائدة الإفطار، وهو مشهد يغيب عن الكثير من البيوت، إذ نادراً ما تجتمع العائلة في وقت واحد على مائدة الغداء بسبب اختلاف مواعيد أفرادها، لكن في رمضان، هناك توقيت محدد يجمع الجميع عند أذان المغرب، حيث يترقب الصائمون مدفع الإفطار، الذي يُعرض عبر الفضائيات، متبوعاً بتلاوة القرآن الكريم قبل نصف ساعة أو ساعة من موعد الإفطار.
تقول السيدة أم سمر: “ما يميز أيام هذا الشهر الفضيل أن طقوسه لا يمكن أن تتغير، لأنها مرتبطة بموعد صلاة المغرب. يسبق الإفطار تلاوة القرآن الكريم، وانتظار أذان المغرب، ومع اقتراب الوقت، ينتهي الجميع من أعمالهم، فلا هواتف ولا شبكات تواصل، إنها مائدة عامرة بالحب والحميمية. ومن أبرز طقوس الإفطار التمر واللبن، يليهما شوربة الماش أو العدس أو التشريب، وهي طقوس غير موجودة في وجبات الغداء أو العشاء. لكل وجبة طعامها الخاص، لكن وجبة الإفطار الرمضانية تجمع كل هذه العناصر، متفوقة عليها باستحضار أطعمة تقليدية تعزز خصوصية الشهر الفضيل.
توضح المعلمة عادلة محمد: “من أهم عادات رمضان أن ربة البيت، ومن دون أن يطلب منها أحد، تبدأ بإعداد أكلات تقليدية بغدادية مثل حلاوة التمن، والشعرية، وحلاوة التمر، حيث يتم قلي التمر بالزبد أو الدهن الحر، ثم تشكيله على هيئة كرات صغيرة محشوة بالجوز ومغطاة بالسمسم. كما تُعد الهريسة، وهي الوجبة التي لا أتناولها إلا في رمضان، حيث تُضاف إليها رشة من الدارسين وقليل من الدهن الحار، ويفضل الدهن الحر، مما يجعلها من أهم الوجبات الرمضانية. كذلك، يتميز هذا الشهر بمشروب‘ النومي بصرة’ الذي يتم تناوله خلال وجبة السحور بنكهته الفريدة”.
أما السيد أبو عبد الله، فيؤكد أن “شهر رمضان هو شهر الخير والبركة، ويمتاز بطقوس وعادات جميلة، منها اعتماد ربة البيت على تحضير الأكلات الشعبية التي لا يمكن طلبها من المطاعم، مثل التشريب وشوربة الماش أو العدس. كما أن رمضان يُبرز إبداع ربة البيت في إعداد الأكلات الشعبية والتراثية التي نعرفها منذ الصغر، مما يضفي عليه طابعاً مميزاً وأياماً مليئة بالرحمة والبركة. ومن الجوانب الإيجابية أيضاً أن الأبناء خلال رمضان يستغنون عن تناول الأطعمة الجاهزة، مما يمنح وجبة الإفطار نكهة خاصة، فهي وجبة طازجة تفوح رائحتها في البيت، وتمنحه أجواءً دافئة وحميمية.
السيدة إكرام جمعة قالت: “أيام رمضان محفورة في أرواحنا منذ الطفولة، فقد كان والدي يشجعني على الصيام، وكنت أترقب وجبة الإفطار بشغف. كنا نشعل الموقد ليقوم والدي بشوي الكباب، بينما كانت والدتي تعد أصناف الطعام المختلفة، من الشوربة إلى العروق وغيرها من الأطباق. لذا، أصبح لرمضان نكهة ورائحة خاصة لن أنساها أبداً”.
العادات الرمضانية على مائدة الطعام
التعليقات مغلقة