سَقَطَ القِناع

سلمان زين الدين
(1)
سَقَطَ القِناعْ،
وَأَماطَ تِشْرينُ اللِّثامَ عَنِ الوُجوهِ،
غَداةَ غَزَّةَ أَطْلَقَتْ طوفانَها،
فَانْداحَ يَجْتاحُ النفاياتِ التي
انْتَهَكَتْ أديمَ الأرْضِ،
وَامْتَهَنَتْ مُمارَسَةَ الخِداعْ.
وَاسْتَيقَظَ الوَحْشُ المَغولِيُّ اللَّعينُ
مِنَ السُّباتِ،
وَراحَ يَرْتَكِبُ المَجازِرَ
في المَدائِنِ وَالدَّساكِرِ وَالضِّياعِ،
وَلَمْ يُحَرِّكْ ساكِنًا أحَدٌ،
مِنَ الأمَمِ الَّتي اتَّحَدَتْ مَعًا،
لِيَرُدَّ ذاكَ الوَحْشَ مَهْزومًا
عَلى أعْقابِهِ،
وَيَفُضَّ أسْبابَ النِّزاعْ.

(2)
سقَطَ القِناعْ
في عالَمٍ لا زالَ يَزْعَمُ أنَّهُ
حُرُّ الصَّدى،
وَلَغَتْ فُلولُ ضِباعِهِ
في ماء غزة والقطاع،
وفي دماء الأبرياء،
ولم يزل أبدًا يكرّر زعمه
في ظلمة الليل البهيم
وفي قناديل النهار
وَلَمْ يُكَلِّفْ نَفْسَهُ
إطْلاقَ صَوْتٍ واحِدٍ
يُلْغي بِهِ وَلْغَ الضِّباع.

(3)
سَقَطَ القِناعْ،
فَالغَرْبُ قَدْ قَلَبَ المِجَنَّ لِدَعْوَةٍ،
ما انْفَكَّ، مُنْذُ البَدْءِ، يَصْدَعُنا بِها
حَتّى الصُّداعْ.
وَإذا الشِّعاراتُ الَّتي
صَدَعَتْ بِها أبْواقُهُ أسْماعَنا،
في حِرْصِهِ المَزْعومِ تَكْرارًا
عَلى صَوْنِ العُهودِ
وَعَهْدِهِ المَقْطوعِ تَكْرارًا
بِإحْقاقِ الحُقوقْ،
هِيَ مَحْضُ أقْنِعَةٍ،
فَلا هِيَ في مَقامٍ
يَقْتَضي شَرَفَ السَّماع
وَلَيْسَ في تِلْكَ الشِّعاراتِ العَقيمَةِ
ما يَرُدُّ الأرْضَ أوْ يُغْني الجِياعْ.

(4)
سَقَطَ القِناعْ،
فالإخوة الأعداء،
وا أسفًا على أحوالهم!
لَمْ يُوقِظوا مَجْدًا تَليدًا
نائِمًا طَيَّ الرِّقاعْ.
لَمْ يَصْنَعوا مَجْدًا طَريفًا صُنْعُهُ
يَعْصى عَلى سُنَنِ الضَّياعْ.
وَقَفوا عَلى سَقَطِ المَتاعِ حَياتَهُمْ.
هل تستقيم حياتهم إذا سقط المتاع؟
تَرَكوا أخاهُمْ وَحْدَهُ
في غَيْهَبِ الجُبِّ العَميقْ،
وَمَضَوْا إلى يَعْقوبِهِمْ
يَتْلونَ أفْعالَ النَّدامَةِ عَلَّهُمْ
يَحْظَوْنَ بِالعُذْرِ المُحِلِّ مِنَ العِقابِ
بِتُهْمَةِ التَّقْصيرِ في حَقِّ الشَّقيقْ.
لَمْ يَنْصروهُ ظالِمًا
عَمَلاً بِأحْكامِ الحَديث،
بِرَدْعِهِ عَنْ ظُلْمِهِ.
لَمْ يَنْصروه،
عندما وَقَعَ عَلَيْهِ الظلم
تَطْبيقًا لِآدابِ الطَّريقْ.
وَإذا الأُخُوَّةُ
لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ
في لُغَةِ العَرَبْ،
وَإذا العُروبَةُ سِلْعَةٌ مَعْروضَةٌ
لِلْبَيْعِ في سُوْقِ الكَسادِ،
وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ طَلَبْ.

(5)
سَقَطَ القِناعْ،
فَتَلَفَّعي يا غَزَّةَ الشُّهَداءِ
بِالصَّبْرِ الجَميلِ،
فَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ رِهانٍ رابِحٍ
أبَدًا عَلى الغَرْبِ المُنافِقِ
أوْ عَلى الأعْرابِ
مِنْ أهْلِ الحِساباتِ الصَّغيرةِ
في مَيادينِ الصِّراعْ،
فَالقُدْسُ تَأبى أنْ تُحِرِّرَها
سِوى الخَيْلِ المُغيرَةِ
مِنْ فِلَسْطينَ المُقيمَةِ
بَيْنَ ضِفَّتِها الأبِيَّةِ وَالقِطاعْ.

(6)
سَقَطَ القِناع.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة