بغداد – سمير خليل:
رغم أننا كعراقيين، دائما ما نشكو حرارة الجو وقسوة الصيف، وحرارته التي تضرب حياتنا ونفوسنا، وتترك آثارا كبيرة من الملل والضجر، لذلك يعد جو العراق من أشد أجواء دول الجوار حرارة في الصيف.
وكما اعتاد العراقيون، أن تمتد أشهر الصيف لأكثر من خمسة أشهر، ففي وقت تضرب فيه برودة الجو العديد من الدول نستمر العيش تحت أجواء الصيف بملابسنا الخفيفة، وأجهزة التبريد التي يسمع أزيزها من بين والجدران.
بالمقابل، فعندما يدخل الشتاء بمعناه الثقيل، فإننا نستقبل موجة برد قاسية تنسينا حر الصيف، وتدخلنا في دوامة البحث عما يدفئ أنفسنا قبل أجسادنا، ولكن عادة ما لا تستمر موجات البرد حالها حال حر الصيف، إذ عادة ما لا تتجاوز فترة البرد الشهر الواحد.
وها نحن اليوم نستقبل موجة برد عاتية، نعيش لحظاتها ونحن نتحوط من تأثيراتها الصحية التي عادة ما يكون الجهاز التنفسي أول ضحاياها بالإضافة لأمراض أخرى، تنتعش فترة البرد القارس. وكانت توقعات جوية محلية قد حذرت من أن البلاد على موعد مع موجة برد “قطبية” ، تتخللها موجة مطرية وثلوج، وأن “البلاد تستعد بإذن الله لاستقبال أولى موجات البرد الفعلية”، حيث تتأثر المنطقة بنزول منخفض جوي (قطبي) على إثره تنخفض درجات الحرارة بشكل كبير في أغلب مدن البلاد، وإن الحوض القطبي مصحوب بموجة مطرية وثلوج .
ولأن العراقيين خبروا منذ قديم الزمان مناخهم، وتعلموا كيف يقاومون برد الشتاء، فهم يلجأون في حياتهم لما يقيهم شر البرد، ويحمي أجسامهم من لسعاته، فهم يهتمون أولا بتهيئة الملابس الخاصة لمقاومة البرد، وهي تتنوع حسب المناطق والمدن العراقية، فعند سكان السهول ومناطق الأهوار والقرى والأرياف، تكون العباءة المصنوعة من الصوف هي السائدة بالإضافة للملابس الأخرى التي تقاوم البرد ولا تخرج من تراث تلك المناطق. في حين إن سكان المدن يرتدون الملابس المتنوعة والتي لا تغفل الموديلات الحديثة.
وعلى صعيد البيوت، فعادة ما يتم إخراج المدافئ من صناديقها الكارتونية لتبدأ بالاستعداد وحسب تنوعها بين الكهربائية والغازية والنفطية، والأخيرة هي التي تأخذ المساحة الأكبر في استعداد الناس لمواجهة البرد، كما تشهد محطات الوقود تزاحما بين المواطنين، لغرض تأمين ما يحتاجونه من مادة النفط الأبيض، لغرض تشغيل تلك المدافئ.
وبالنسبة للطعام والمشروبات، فتختفي كل الأطعمة والأشربة الصيفية من مائدة الطعام، وتحل محلها الأغذية المانحة لحرارة وتدفئة الجسم، الحساء الحار بأنواعه، مع اللحم أو الدجاج أو العدس او الحمص والبصل أو الذرة أو مع مواد أخرى، بالإضافة للشلغم والباجة، أكلات الشتاء التي يتفنن في إعدادها العراقيون، فلا يكاد بيت يخلو من هذه الوجبات. واشتهرت العربات والمطاعم في المدن العراقية بجذب متذوقيها من الأغنياء والفقراء برائحتها الشهية.
وتقاوم ربات البيوت ومن بعدهن المطاعم برد الشتاء بإعداد الوجبات التي تكون ساخنة لتمنح الجسد دفئا، بالإضافة إلى الإحساس بالشبع، لذلك يكثر العراقيون من طبخ الشوربات والأطعمة الدسمة، وهي ثقافة توارثتها الأجيال عن بعضها البعض منذ القدم، لكن بعض الوجبات لم تعد موجودة في البيوت وتوفرها المطاعم الشعبية التي زاد انتشارها في المدن العراقية.
كما تشير مصادر انوائية أن العراق والمناطق المجاورة له في الشرق الأوسط سيعيشون أغرب شتاء في السنة المقبلة 2025، حيث سيكون هناك برد قارس جداً في بعض الأماكن، بينما ستعاني أجزاء أخرى من حرارة مرتفعة، بالإضافة إلى الجفاف في مناطق معينة والسيول والفيضانات السريعة في أماكن أخرى، وذلك نتيجة التقلبات المناخية الكبيرة في المنطقة.
ومع اقتراب الشتاء، من المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط تقلبات مناخية كبيرة، تتمثل بزيادة في هطول الأمطار نتيجة تأثير ظاهرة النينيو، حيث من المتوقع هطول أمطار أكثر من المعتاد في بعض أجزاء العراق والدول المجاورة، مما يثير مخاوف من مخاطر الفيضانات في المناطق الحضرية التي تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة”.
العراقيون خبروا مناخهم منذ القدم وتعلموا كيف يقاومون برد الشتاء
التعليقات مغلقة