هذه لحظات تاريخية في حياة الشعب العراقي ومحطة مفصلية يعيد الشعب العراقي فيها مراجعة مسيرته وتتم فيها إعادة ومراجعة لمجموعة من المفاهيم والقيم التي شاع تداولها على مدى ستة عشر عاما ..
في هذه اللحظات يقدم العراق دروسا للأمم الحية في كيفية الاصرار والتحدي على مواجهة الاخطار وفي كيفية تقديم قرابين التضحيات من اجل استعادة وطنه ..مالم تفلح فيه اجيال هرمت من دون ان تقوى على مواجهة الديكتاتورية وتعايشت وقبلت بنظام سياسي فاسد وتأملت أن تنصلح الاوضاع بالصبر والانتظار افلح فيه جيل فتي وحطم جدران الخوف واسوار الحزبية وحاصر المحاصصة الطائفية واسقطها في ايام مشهودة ..واسقط معها خارطة التوازنات التشريعية والسياسية التي اريد لها ان تلتف على رقاب الشعب العراقي لتبقى هذه الطبقة السياسية أطول فترة ممكنة مشغولة باقتسام الغنائم من دون الالتفات لما تعانيه الملايين في الأنفاق المظلمة ..
مايجري اليوم هو صياغة منظومة اجتماعية واخلاقية تتم فيها إعادة تشكل ومراجعة وتصحيح لمسارات معوجة ومنحرفة وديمقراطية مريضة وعرجاء لا يرغب اللصوص والقتلة بتعديلها أو تصحيحها وفيما بانت ملامح انهيار نظام الفشل فلابد أن يدرك الفاشلون المرعوبون أن المعادلة تغيرت وان ساحات التظاهر باتت لاعبا رئيسا في المشهد العراقي ازاحت عن العراق لاعبين دخلاء ولم يعد من الممكن بوجودها فرض ارادات أو املاءات على الساحة السياسية العراقية.
نحن اليوم على اعتاب انهيار منظومة أحزاب الفساد وانبثاق كتلة الشعب الكبرى العاصفة الهادرة المدعومة بدماء الشهداء وصرخات الملتاعين والمفجوعين شعارها الأعلى ..لا خذلان للشهداء في دولة العراق الجديد ولا مكان فيها للفاسدين القتلة .
ولن ينسى الشعب العراقي في هذه المرحلة المصيرية العناوين التي اتسقت مع هذا الحراك الحر ووقفت ودعمت هذه الحركة الاصلاحية الشجاعة وفي الوقت نفسه فانه لن ينسى الطعنات التي وجهها اذناب المتسلطين لانتفاضة الشباب العراقي ويخطئ من يظن أن رهط المجرمين الذين سفكوا الدماء وازهقوا الارواح البريئة هو بمنأى عن العقاب فقد باشرت منظمات قانونية في توثيق الجرائم والانتهاكات واعلن محامون وناشطون توكلهم في الدفاع عن الضحايا والمظلومين واستعادة الحقوق وفي كل الأحوال ان مثل هذه المبادرات التطوعية تبعث بمدلولات حية على أن العراق في صيرورة التغيير والتحرر.
د. علي شمخي