حركة التأريخ

أمير الحلو

تعلمنا من خلال القراءة والممارسة السياسية الطويلة ان حركة التاريخ وعجلته يجب ان تسير الى الامام دائما،وقد شبه أحد الفلاسفة هذه الحركة كركوب الدراجة فاذا ما توقف السائق عن تحريك قدميه لسقط عن الدراجة وتوقفت حركتها…وقد كنت أؤمن دائما بهذه النظرية وأتابع مجريات الامور في العالم التي تؤكد صحتها،ففي مجال العلوم والطب والتكنولوجيا حققت هذه الحركة طفرات هائلة وضعت من خلالها تحت تصرف البشر الكثير من المعدات والوسائل التي تسهّل عليه سبل الحياة،كما ان السياسة نفسها شهدت احداثاً على مستوى (ثقيل)جعلت عالم اليوم يختلف عن عالم الامس المليء بالحروب والصراعات الدامية،واقتصرت 

(المشاحنات)اليوم على خلافات وتهديدات وحتى تغييرات على مستوى بلدان العالم الثالث او من ماتبقى من(ثورية)بعض الانظمة التي تصر على ان(حتمية التاريخ)ستحقق النصر على الامبريالية المنهارة.

أكاد ان اصاب بالاحباط الكامل وانا أرى ان بلادنا التي لم(يقصرّ)شعبها عن تقديم التضحيات خلال مسيرته السياسية وتحمل الكثير من حكامه في شتى الانظمة ممن(جيرّوا)اموال البلاد وطاقاتها لخدمتهم،وبقي الشعب على حاله ينتظر تحقيق الولاء والعهود فقط من دون تحقيق أية نتيجة تذكر في تقديم أبسط مقومات التقدم الحضاري والعمراني له.

نحاول ان نتباهى احياناً بالتاريخ ونقول بحتمية تفوقنا على الآخرين لاننا احفاد فلان وفلان من القادة الذين حكموا العراق وبنوا الحضارات العملاقة متناسين ان ما مضى قد مضى،ولو كانت هذه النظرية صحيحة لكان من حق اليونان احفاد الاغريق والايطاليين احفاد الرومان هم من اكثر الشعوب تقدماً اعتماداً على نظرية التطور التاريخي،وان على احفاد وسارقي قوت وحضارات الهنود الحمر ان يتقهقروا الى الوراء لانهم بلا حضارة او تاريخ،وان الانجليز والفرنسيين واكثر شعوب اوروبا حديثة العهد بالحضارة والمدنية،لذلك فاننا افضل منهم بـ(القول)والادعاءات التي يفضح حاضرنا المتخلف خطل مثل هذه النظريات التاريخية .

الحقيقة التي يجب الايمان بها باننا (اولاد اليوم)وان علينا ان نكون مؤهلين وجادين في بناء انفسنا من الداخل اولاً وبناء وطننا ثانيا معتمدين بذلك على العلم والتكنولوجيا والتطور بعيداً عن الافكار الجامدة والآراء المتخلفة التي تريد اعادتنا الى الوراء قروناً عديدة تحت أي مسمى من المسميات،والى هؤلاء نقول (أتقوا الله)فقد عانينا كثيراً خلال عقودنا السابقة وآن لنا ان نعيش مثل (أوادم)العالم الآخرين بسلام واستقرار وتقدم،ولكننا كما نطالبكم بذلك فليس من حقنا ان نفرض عليكم افكارنا وخططنا في بناء الوطن لقاء(معاولكم)وكتبكم الصفر التي لاعلاقة لها بالعالم الحديث ومتطلباته.

اعجب لاناس عاشوا في الخارج ورأوا كيف حصل التقدم حين استعمل الانسان والمجتمع العقل بدلا من الغيبيات في البناء،كما أستمتعوا بطيبات مدنيةبعض المجتمعات،فلماذا يريدون فرض التخلف على بلدانهم عندما عادوا اليها ولماذا هذا الحقد الدفين على كل ماهو حضاري وعلمي؟

دعونا نتفق على كلمة سواء،وهي ان لكل انسان معتقداته على ان لايفرضها على الآخرين واستعمال وسائل القوة والسلطة لقمع الآخرين مهما كان حجم تواجدهم ونفوذهم،ولكن سألتكم بالله ان تحفظوا بما تؤمنون به لانفسكم وجماعتكم ،ودعونا نعش معكم على ارض وطن واحد ولكل افكاره وممارساته التي لاتضر بالآخرين.

لقد ظن السابقون انهم خالدون وقادرون على فرض افكارهم وارادتهم على بقية افراد الشعب،وانتم اعرف بان عجلة التاريخ لا ترحم من يقف في وجه حركتها للامام،فلماذا تضعون العصي في دواليبها ؟

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة