اربيل – وكالات:
اصبح منصب رئيس جمهورية العراق الان جزء من الصراع السياسي بعد اعلان مقربين من رئيس مجلس النواب وزعيم ائتلاف متحدون اسامة النجيفي رغبة الاخير وتطلعه لتولي هذا المنصب مقابل اصرار الاحزاب الكردية القوي باختلاف توجهاتها وتمسك المكون الكردي بهذا المنصب واعتباره حقا يمثل استمرارا لوجوده في عراق موحد.
ويقول مراقبون ان الكتل «السنية» اظهرت وبشكل علني قبيل الانتخابات وبعدها رغبة وتطلع لما يسمونه «استعادة» هذا المنصب بعد ان فقدوه بعد الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 وصرحوا في اكثر من مناسبة ان العراق العربي لابد ان يمثله رئيس عربي ، وتشير تقارير الى ان النجيفي كان يجري مباحثات مع مختلف الكتل والاحزاب «السنية» من اجل «استرجاع « هذا المنصب للسنة العرب واعتبار هذا المسعى برنامجا انتخابيا غير معلن .
ويشير المراقبون الى ان النجيفي والاحزاب التي وافقت على هذا المسعى تريد ان تستغل عدم قدرة الرئيس العراقي جلال طالباني على اعادة ترشيح نفسه لهذا المنصب لسببين اولها واهمها دستوري حيث حددت ولاية رئيس جمهورية العراق بولايتين اثنيتين فقط والثاني هو مرض الرئيس.
الامر الآخر الذي تريد ان تستغله القوى «السنية العربية» هو ازدياد الخلاف بين الطرفين الرئيسين في الاقليم وهما الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني .
فلا يبدو حتى الان ان تستطيع الاحزاب الكردية التي كانت متفقة على دائما على ترشيح طالباني ان تتفق مرة اخرى وبسهولة على شخصية كردية لتولي هذا المنصب الذي وان كان بحسب الدستور العراقي منصبا فخريا، الا انه يشكل قضية وجود بالنسبة للاكراد في العراق والتخلي عنه امر في غاية الصعوبة ولا يتم الا في اطار تحالفات او اتفاقات ملامحها غير متكونة لحد الان ربما حتى في اذهان القادة الكرد.
ولوهلة اعتقد عدد من المراقبين امكانية ان تطرح قضية تعيين «سني عربي «النجيفي « لمنصب الرئيس اصبحت ممكنة بعد تصريحات قائمة النجيفي وصمت الاكراد واعتبروا ذلك «موافقة ضمنية» لكن الرد سرعان ما جاء من مكتب رئاسة اقليم كردستان الذي اعلن ان هذا المنصب سيبقى من نصيب الاكراد .
ومع ذلك فان هذا التصريح جاء وسط الصراع الحاصل بين الاحزاب الكردية الثلاثة في اقليم كردستان «بعد فرض حركة التغيير نفسها كقوة ثالثة» حيث ان كلا منها يأمل ان يرشح واحد من اعضاءها لمنصب الرئاسة .
وهكذا رشح الاتحاد الوطني الكردستاني محافظ كركوك والطبيب الخاص لطالباني نجم الدين كريم لهذا المنصب قوبل بصمت من الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير « كوران « بقوا صامتين ولم يردا على هذا الطرح ، لكن ليس كل «صمت» يعني موافقة فعدم اعلان الدعم بحسب المراقبين، قد يعني رفض هذا المرشح وعدم الموافقة عليه بانتظار ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية .
وكرد على تصريح الاتحاد الوطني الكردستاني، حذر رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني من اي خطوة فردية لشغل منصب الرئاسة في بغداد وقال «انه على اي مرشح لشغل هذا المنصب يجب ان يحصل على موافقة برلمان اقليم كردستان».
ويقول كمال رؤوف الكاتب والمحلل السياسي ان « الحزبين بقيا صامتين لانهما ينتظران النتائج النهائية للانتخابات « ، واضاف ان « نجم الدين كريم هو مرشح غير مقبول من قبل حزب بارزاني «.
وقال رؤوف ان « الجدل حول رئاسة الجمهورية بين الاحزاب الكردية سيكون منحصرا بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير « كوران « ولكن على الارجح الرئيس المقبل سيكون من الاتحاد الوطني الكردستاني «.
واضاف ان « الشخصيات التي من الممكن ان تكون مقبولة من جميع الاطراف تشمل برهم صالح الذي شغل منصب رئاسة وزراء اقليم كردستان من قبل ، و عدنان مفتي القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني «.
لكن رؤوف استبعد تماما امكانية تخلي الاكراد عن منصب رئاسة الجمهورية للسنة العرب.
وهو الامر الذي اكده السياسي المخضرم محمود عثمان موضحا ان « الرئاسة لن تعطى لغيأر الاكـراد « .
وكان القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء العراقي روز نوري شاويس إن «هنالك الكثير من الطلبات قدمت لنا من عدة تيارات واحزاب، لكي يتولى مسعود بارزاني منصب رئاسة جمهورية العراق، ولكن شرطنا لقبول هذه الدعوات هو زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية».
لكن مع هذا قال وليد المحمدي العضو في كتلة متحدون ان « منصب رئاسة الجمهورية يعتمد على التحالفات التي ستجريها كتلة متحدون مع بقية الكتل «.
واوضح المحمدي « هنالك طموح للحصول على منصب رئاسة الجمهورية والذي سيحدد من خلال التحالفات المستقبلية التي نعمل على تشكيلها «.
وتابع قائلا ان «المباحثات التي تجريها متحدون لم تعط نتائج ملموسة لحد الان «.
لكن مسعى النجيفي وائتلافه ومن معه من «الكتل السنية» لن تجد الطريق سالكا الى رئاسة الجمهورية حتى مع موافقة الاكراد على التخلي عن منصب الرئيس واستبادله بمنصب سيادي اخر. فدولة القانون الذي حقق تقدما كبيرا في الانتخابات ، وبحسب ما اعلن اعضاؤه، فان سيمتلك بما سيحصل عليه من مقاعد قرار الموافقة على اي شخصية لتولي منصب رئيس الجمهورية وفي هذه الحال فان وصول النجيفي لهذا المنصب قد تكون صعبة جدا وقد تقترب من المستحيل.
فحسب تقييم رئيس الوزراء نوري المالكي الاخير لقيادة النجيفي الذي قال انه فشل فشلا ذريعا في عمله، واشغل مجلس النواب بقوانين ليست ذات اهمية، لن يكون من المتصور ان يوافق دولة القانون على اعادة النجيفي حتى لرئاسة مجلس الوزراء فما بالك برئاسة الجمهورية.
وكان النائب عن القائمة الوطنية حسن اوزمن البياتي، قال إن كتلة متحدون تحمل مشروعاً طائفياً من خلال زعمها بانها تمثل المكون السني في العراق، وهي بهذا لا يمكن لها ان تعطي مرشحا يمثل وحدة العراقيين ومحـط اتفاقهـم .