“شسمه” أم نحن ؟

حسام السراي

(1)

احتفاءٌ غيرُ مسبوقٍ يليق بمستوى حدثِ فوز الروائي أحمد سعداوي بجائزة “البوكر” للرواية العربيّة، هو تعبيرٌ عن التفاف ثقافيّ حول مناسبة كبرى، رأى فيها أدباءٌ وكتّاب اعترافاً بحراك الثقافة العراقيّة وأسمائها ونتاجها، من خلال شخص صاحب “فرانكشتاين في بغداد”.

(2)

من المهمّ أن يُصاغ الاحتفاءُ بشكلٍ جديدٍ يتناسبُ وقيمة الجائزة؛ لأنَّ دورتها الحالية ينالُها العراق للمرّة الأولى، فليس بصعبٍ أنْ يستقبلَ سعداوي في مطار بغداد الدوليّ، من قبل اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق ووفودٍ من المنظّمات الثقافيّة الفاعلة والمثقفين العراقيّين، فضلاً عن وزارة الثقافةِ وممثّلين عن  مجلس النواب العراقيّ. بمثلِ ذلك نكونُ قد احترمنا مكانة ثقافتنا ونتاجها الأدبيّ والفكريّ.

(3)

لِمَ تتحوّلُ مناسباتٌ ثقافيّة، وقبلها رياضيّة؟ إلى كرنفالات فرح عراقيّة عامة، تنشغلُ بها فضاءات التواصل الاجتماعي، وتغدو فرصةً لاستعادةِ الثقة بإمكانات البلاد وقيمة مبدعيها. السبب المباشر هو بؤسُ الواقع وانحدارُ السياسة فيه  إلى شكلٍ من أشكال الانتقام من المجتمع وأحلامه وتطلّعاته بعيش كريم.

طبيعي أنْ يكونَ فوزُ سعداوي، أو فوزُ العراق باستحقاق رياضيّ أو علميّ، بلسماً لجراحات لم تلتئم بعد في الجسدِ الرافدينيّ المنهك.

(4)

“فرانكشتاين في بغداد”، روايةٌ عن شكلٍ من أشكال بغداد اليوم، “المُرعب” و”القاسي”في الأوان نفسه، الذي يفوقُ الخيال في مشاهده الحقيقيّة على الأرض، نعم فالمدينة في ساعات وأيّام عدة، تصبحُ مدينة أشلاء وجثث، ونحنُ جميعاً نتمنّى أن نكون “هادي العتاك”، الشخصيّة المحورية التي تريدُ بخلقها جثّة “متخيّلة” أن تثأرَ  للضحايا العراقيّين.

ذلك كلّه في حيّ البتاويين ببغداد، ربّما “الشسمه”، الجثّة المعنية، كنايةٌ عن عراقٍ مذبوح، وعن مجتمعٍ يصرخُ أو يئن، بأفرادِه المهدّدين بالموت اليومي، لتتعدد الكناياتُ والأسماء، وهو بالضبط ما جعلَ الرواية مختلفة ومركبة في معالجاتها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة