نعيش لنأكل أم نأكل لنعيش؟

 

بغداد – سمير خليل

يحتاج الانسان الى الكثير من الاحتياجات كي يواصل حياته ويعيش بأمان وصحة وعافية، وتتفاوت هذه الاحتياجات في اهميتها ودورها في خدمة هذا لإنسان.

الاكل، الطعام ربما هو الحاجة الاهم بجانب الماء إكسيرا لتواصل حياة البشر وسريان دم العافية في شرايينهم، ويأخذ الطعام حيزا كبيرا من وقت الانسان ما بين التسوق والتهيئة والطبخ والجلوس على مائدة الطعام أو تناول هذا الطعام في وضعيات مختلفة.

هنا تبرز متوالية محيّرة ترتدي صيغة السؤال: هل نأكل لنعيش أم نعيش لنأكل؟

والجواب غالبا ما يتفاوت ما بين الذين يعشقون الطعام وليس لديهم العديد من النشاطات والانشغالات غير الأكل، وبين فئة منا لا تجد الوقت للأكل بسبب زحمة العمل ووتيرة الحياة المتسارعة، أما الفئة الثالثة والمحزنة فتقع في خانة الذين يصارعون الموت من أجل البقاء والإفلات من كفر الجوع.

إذن، الأكل مهم وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان لكي نحيا ونعيش تماما مثل محرك السيارة الذي لا يعمل إلا عن طريق الوقود والطاقة.

ولكن لو وقفنا امام المرأة وسألنا أنفسنا: كم يشكل الطعام من أهمية في حياتنا؟

هنا تختلف الاجابة أيضا، ففي حين يقضي البعض جل أوقاتهم وهم يلوكون لقيمات الاكل وامامهم مائدة عامرة بأنواع المأكولات، وبين البعض الآخر الذي لا يتناول سوى كمية صغيرة من الطعام أو ربما لا يأكل ثلاث وجبات يوميا.

لماذا؟ لأن الإنسان العامل المنتج لا يفكر بالطعام قدر تفكيره بإيجاد حلول وأساليب للعيش الكريم لا تتناسب مع الشراهة وانقضاء ساعات من النهار أمام مائدة الطعام.

أتذكر، ونحن صغار ضمن عائلة كبيرة العدد، كانت والدتنا رحمها الله تعد لنا في مائدة الغداء بالرز والمرق (دون لحم) فقط، وفي وجبة العشاء كنا نتناول نفس نوع المرق ظهرا مع الخبز فقط دون أن ينبس أحدنا ببنت شفة. أين أولادنا اليوم من هذا النظام؟ بل أين نحن من هذا النظام الذي كان يغنينا عن التفكير المفرط (كحالنا اليوم) بالطعام والالتفات الى دروسنا وفروضنا المدرسية، هنا نحن كنا نأكل لنعيش ولا نعيش لنأكل.

ومع تطور الحياة الاجتماعية، أصبح الرز والمرق من الاكلات التي لا يتناولها الكثيرون وخاصة الشباب الذين فتحو علينا عالما من الأكلات الحديثة المتنوعة، كما أنهم عرفونا بظاهرة جديدة علينا هي “الديليفري” وهو خدمة توصيل الطعام من المطعم الى المنازل.

اليوم نحن لا نأكل فقط، بل نتغزل بالأكل من خلال التقاط الصور في وضعيات مختلفة، وقد يكون السبب هو أننا أصبحنا وبكل بساطة ” نعيش لنأكل”.

ومع الأسف، فإن التوعية بضرورة تنظيم أوقات الطعام، وتناول وجبات خفيفة منه قليلة أو تكاد تكون معدومة، لأن التحذير بضرورة التقنين بالطعام وتناول ما هو ضروري من شأنه أن يحجّم أو يقلل الحالات المرضية الناتجة عن الافراط والشراهة بالطعام.

الاهتمام الزائد بالطعام يجرنا لمتاهات أخرى، منها أننا أصبحنا مكرهين أن نجعل طعامنا هو الذي يحدد حركتنا ويوجهنا نحو تهيئة مائدة الطعام بما يشبه الطقوس وما يترتب عليها من إعداد الشاي والقهوة والمرطبات المرتبطة بغذائنا ونوعيته.

إذا: فالهدف المنطقي من الأكل هو ملء المعدة وإمدادنا بالطاقة، لكي نستطيع أن نقوم بأعمالنا ونركز ونفكر ونتحرك.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة