الرسامات في اليمن يتحدين الفقر بالفرشاة.. ويواجهن نيران العنف بالألوان

الصباح الجديد

مبدعات يمنيات يواجهن نيران العنف بالألوان يتحدين الفقر بالفرشاة يعتبرن الفن صوت معاناة ورسالة مقاومة ومبادرة سلام، هذا السلاح الناعم الذي يمثل بالنسبة لهن أسلوب كفاح معيشي لم يعد بمثابة فسحة ترفيهية لتمضية الوقت بل تحول من هواية إلى مصدر دخل في ظل فداحة الظروف وقسوة الوضع الاقتصادي الراهن، يلجأن إلى ممارسته تخفيفاً من وطأة الحرب يقصدن من خلاله بث قيم الجمال والتعايش لمواجهة أفكارالعنف والكراهية إيماناً منهن أن الإبداع يمثل صوتاً ضد الحصار والضغوط المجتمعية وارتفاع الأسعار وسط ظلام البطالة وأشباح المجاعات التي تلتهم الملايين أمام ضمير العالم الأخرس، دون رأفة أو أدنى مشاعر آدمية.
وفي إفاداتهن لـ «العربية.نت» أكدن أن غالبية النساء اليمنيات يمارسن أعمالاً يدوية منزلية ينتجن من خلالها منتجات إبداعية قد تكون بالخياطة والتطريز أو الرسوم البصرية أو تصاميم هدايا بالنحت على الشموع أو الخط والجرافيتي وغيرها من الفنون الجميلة التي تنطلق من موهبة تتطور إلى شغف ثم تتحول إلى فرصة عمل». كما يطمحن إلى تغيير نظرة المجتمع حول الفن باعتباره إعلان صمود يقاوم آلام الفقر وفواجع الحروب، الفن مادة ملهمة تصنع الجمال وتضفي جرعة كبيرة من التفاؤل.
إلى ذلك، تعتبر زينب السقاف ( تشكيلية يمنية) أن الفن أسلوب مقاومة للترفيه عن النفس وتناسي الأوضاع بأشكالها والخروج قليلاً من الوضع المعيشي السيء ويساعد في طرح المعاناة والمأساة بأفكار ملهمة ضمن لوحات بصرية تطرق القلوب وتعبر الحدود لتلامس وجدان الشعوب، كما تميل زينب إلى تجاهل همومها اليومية ورسم قيم الفرح والأمل والحب والتعايش برسائل تدعو للتفاؤل بغد أفضل ومستقبل مشرق بمعزل عن متاعب الواقع ومآسي الفقر والحصار التي تغلف أجواء اليمن بضباب الفواجع ودخان الأزمات.
وتقول زينب إن الفن مصدر دخل جيد بالنسبة لها وملاذ من قسوة الظروف الراهنة التي تشهدها البلاد نتيجة الحروب والحصار، مشيرة إلى أن الفنانين في بلادها يعيشون شتى ألوان الإقصاء والتهميش وسط مناخ طارد للإبداع فضلاً عن غياب التقدير المعنوي لأعمالهم بسبب انشغال الناس بتوفير لقمة العيش.
وتضيف: «بين مطرقة الظروف الصعبة وسندان الفقر المتفشي، لا يجد الفنانون اليمنيون مناصاً من ممارسة فنهم الذي يعد بمثابة نافذة للتنفيس عن فداحة الوجع ومرارة العيش، لا يملكون فرصاً أخرى تعوضهم عن هذه الهواية التي أصبحت مهنة إجبارية يستمرون في مزاولتها طلباً للرزق».
وتتابع زينب قائلة: «من الواضح أن غالبية المبدعين اليمنيين تركوا الفن وراءهم معتبرين أنه رفاهية في زمن الحرب وتكالب الأطماع والمصالح المحتدمة على البلاد التي تصارع الوضع الاقتصادي من أجل البقاء، إلا أن المبدعات اليمنيات لا يزلن متمسكات بما يملكن من مواهب وإبداعات ونتاجات فنية كونهن لا يملكن رفاهية في إيجاد مصدر دخل آخر، فضلاً عن إيمانهن بأن الفنون بوصفها قوة ناعمة هي خيار نبيل لتقديم رسائل للعالم عن الموت والفجائع والمآسي التي تعصف بأحلام الشعب المنسي».
وتسعى زينب إلى إنتاج لوحات فنية تجسد معاناة الشعب اليمني وتصف صموده وعنفوانه أمام قسوة الظروف ونيران الأزمات وتتضمن رسائل إنسانية تصل إلى العالم مفادها أن الفن وسيلة عظيمة تحارب العنف في كل مكان وتلامس القلوب وتحاكي العقول.
بينما تصف الرسامة الشابة زينب العزب، الفن بأنه وسيلة للتعبير تؤدي إلى تخفيف التوتّر والإجهاد، وتحسين الحالة المزاجيّة، وتؤكد أن للفن قدرة على تحسين الأوضاع المعيشية للأفراد كما أن المشاركة بالأنشطة الفنية المُختلفة تقوي الروابط في المُجتمع، وتزيد من تماسكه، أما الأهمية الثقافية للفن فتكمن في قدرته على تعزيز مجموعة من القيم الإيجابية في نفوس الأفراد مثل التسامح ونبذ التعصب.
ووفقاً لزينب العزب فإن أكبر ما يعانيه الفنان اليمني هي الأزمات الاقتصادية نظراً لاستخفاف المجتمع بالفن التشكيلي، إلى جانب عدم تمكن المواهب من التطور والاستمرار في ظل غياب التأهيل الأكاديمي ضمن كليات أو معاهد مختصة بتدريس الفنون، ناهيك عن إشكالية المشاركة في المعارض بسبب رسوم المشاركة المرتفعة التي تثقل كاهل الرسامين والرسامات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة