الصباح الجديد – متابعة:
لا يوجد منا من لم يشاهد فيلم سينمائي اميركي من دون ان تكون هناك دعاية لسيارة معينة بصورة غير مباشرة واحيانا مباشرة عندما تكون القصة مبنية على بطل سباق سيارات او موضوع مشابه له.
وفي بداية السبعينيات من القرن الـ20 كان جون ديلوريان المهندس والمصمم الأميركي اسما لامعا في عالم صناعة السيارات، إذ تدرّج في أكبر الشركات الأميركية حتى أصبح أصغر نائب رئيس في تاريخ شركة «جنرال موتورز» (GM). وفي عام 1973، قرر الانفصال عن جنرال موتورز وتأسيس شركته الخاصة التي حملت اسمه. جمع ديلوريان فريقا من أهم خبراء صناعة السيارات لإنتاج أول موديل في شركته الوليدة «ديلوريان دي إم سي12» (DeLorean DMC-12)، وعمل بنفسه على تصميم السيارة.
وفي بداية الثمانينيات كانت السيارة «ديلوريان دي إم سي12» جاهزة للتحليق بأبواب تفتح إلى الأعلى، أو ما يعرف في عالم السيارات باسم «أبواب أجنحة النورس»، وهو الشكل الذي تبدو عليه السيارة بعد فتح الأبواب، وبدا تصميمها المميز كمان لو كان مصنوعا خصيصا لأفلام الخيال العلمي.
في هذا الوقت كان المخرج الأميركي روبرت زيميكس يعدّ لفيلمه «العودة إلى المستقبل» (Back To The Future) الذي يحكي عن مراهق في الـ17 من عمره يسافر عبر الزمن من الثمانينيات إلى الخمسينيات بسيارة.
وكان زيميكس يبحث عن سيارة ذات تصميم مميز تصلح لفيلمه، فوقع اختياره على سيارة ديلوريان بسبب شكلها المميز وأبواب أجنحة النورس، فإذا ما عاد بها البطل إلى الخمسينيات يكون التفسير الأقرب لقاطني هذا الزمن أنها سفينة فضاء وليست سيارة.
وفي عام 1985، طرح فيلم «العودة إلى المستقبل»، ونجح الفيلم نجاحا كبيرا وصنع شهرة عارمة لسيارة ديلوريان التي تستطيع الطيران والسفر عبر الزمن وتخلف إطاراتها آثارا ملتهبة على الأسفلت، بيد أن الفيلم تأخر قليلا، فقبل هذا التاريخ بـ3 سنوات فقط أعلنت شركة ديلوريان إفلاسها وتوقف إنتاج سيارتها الأولى والأخيرة في ظروف درامية ستكون موضوعا لعدد من الأفلام في المستقبل.
العلاقة بين السينما والسيارات ترجع إلى السنوات الأولى من عمر هذا الفن الحديث، غير أن العاملين في قطاع صناعة السيارات لم ينتبهوا إلى أهمية السينما كوسيط تسويقي إذ كانوا في حاجة إلى محفز من نوع خاص، ولا عجب أن يأتي هذا المحفز في صورة سيارة.
السيارة البريطانية «أستون مارتن دي بي 5 بدأ إنتاجها عام 1963، وتحولت بعد عام واحد فقط إلى أيقونة سينمائية تاريخية عندما ظهرت في فيلم «الإصبع الذهبي» (Goldfinger)، في الجزء الثالث من سلسلة جيمس بوند الشهيرة، الذي قام ببطولته النجم البريطاني شون كونري. حققت السيارة شهرة عالمية واسعة، ما دفع المستهلكين إلى الإقبال على شرائها فتضاعفت مبيعاتها.
وتحولت سيارة «دي بي 5» (DB5) إلى ظاهرة في عالم صناعة السيارات، وتداول المديرون التنفيذيون الحديث عن الأثر الذي أحدثه مشاركتها في فيلم سينمائي، ولكن يبدو أن شركة «بريتش موتور كورب المالكة لسيارة ميني كوبر تأخرت في استيعاب هذا الأثر، ففي عام 1968 رفضت الشركة التبرع بسياراتها للمشاركة في صناعة فيلم «العملية الإيطالية» (The Italian Job) من بطولة النجم البريطاني مايكل كين.
وفي المقابل كان المديرون التنفيذيون بشركة فيات الإيطالية أكثر إدراكا للقيمة التسويقية التي تحملها هذه المشاركة، فقرروا التبرع بأي عدد يطلب من سيارة سلسلة فيات 500 (Fiat 500s) للمشاركة في الفيلم الذي تدور أغلب أحداثه في إيطاليا، بل والأكثر من ذلك أنهم عرضوا أيضا التبرع بأرقى فئات سيارات لامبورجيني وفيراري إضافة إلى مبلغ 50 ألف دولار أميركي في حال وافق صناع الفيلم على استبدال سيارة الميني كوبر بسيارات إيطالية. وبرغم أنه عرض مغر للغاية في ذلك الوقت، فإن منتجي الفيلم تمسكوا بسيارة ميني كوبر إذ إنها تعبر عن قيمة رئيسة في الفيلم «بريطانيا في مواجهة أوروبا».
ومع بدايات الألفية الجديدة زاد اهتمام شركات السيارات بظهور علاماتها التجارية في أفلام الحركة والمغامرات والخيال العلمي، ليس فقط لكونها الأكثر ملاءمة لتوظيف هذا الظهور، ولكن أيضا لأنها من أكثر الأنواع الفيلمية جماهيرية، ومن ثم بدأت شركات السيارات تخصيص أكبر كم من الموارد المالية لظهور مركباتها على الشاشة حتى لو بلغت تكلفة هذا الظهور ميزانية ضخمة لأحد أفلام البلوك باستر.
وكما صرح مايك جاكسون نائب رئيس شركة جنرال موتورز في عام 2008، فإن الشركة قد أسهمت بجزء كبير من ميزانية فيلم «المتحولون (الميزانية التي بلغت 150 مليون دولار أميركي، رقم ضخم بكل تأكيد ولكنه مقابل معقول، ليس لظهور سيارات جنرال موتورز في الفيلم، وإنما للعبها دور البطولة في فيلم خيال علمي تتحول فيه السيارة إلى روبوت عملاق.