انكماش نشاط المصانع الصينية يثير مخاوف الطلب
الصباح الجديد ـ متابعة:
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب انكماش نشاط المصانع الصينية على نحو حاد، ما جدد المخاوف على الطلب العالمي، إضافة إلى استمرار ترقب السوق لتأثيرات زيادة العرض، التي تنفذها مجموعة “أوبك+” منذ أمس الأول.
وتتلقى الأسعار دعما من انخفاض المخزونات وتسارع وتيرة توزيع لقاحات كورونا عالميا، بينما في المقابل تتلقى ضغوطا من انتشار متغير “دلتا” وارتفاع الدولار والشكوك حول وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون إن العقود الآجلة للنفط الخام تراجعت في آسيا ترقبا لتأثير رفع تحالف “أوبك+” مستويات الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا بدءا من أول آب ، وعلى مدار الشهور المتبقية من العام الجاري على الرغم من ثقة أغلب الدوائر التحليلية أن انتعاش الطلب سيستمر بوتيرة أسرع من نمو العرض.
ولفت محللون إلى عودة المخاطر الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط بعد اعتداء جديد على ناقلة نفط بالقرب من سواحل عمان ما أثار ردود فعل واسعة الغضب لدى الإدارة الأمريكية، وهو ما يضيف مزيدا من التعقيدات على ملف التفاوض في الملف النووي الإيراني المتعثر بالفعل.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن السوق النفطية تكافح من أجل العودة إلى الاستقرار والتوازن، حيث تقاوم عديدا من العوامل السلبية المرتبطة بالوباء وبتقلبات الطلب، ولكن إجمالا يمكن التأكيد أن وضع السوق جيد، إذ إنه بحسب بيانات دولية من المرجح أن يكون نشاط الشراء الفوري للنفط الخام لتحميل تشرين الأول مستقرا وتقوده اقتصادات رئيسة مثل الهند واليابان.
وذكر أن الاقتصادات الآسيوية ما زالت تكافح ضد تفشي متغير دلتا من وباء كورونا، خاصة مع تصاعد الأزمة واتساع الإغلاق في بعض الدول الرئيسة في منظومة الطلب العالمي ومنها تايلاند وإندونيسيا، حيث يعاني حاليا الطلب على النفط الخام من الأزمة في هذين البلدين في حين أن شهية الصين قد تكون محدودة بسبب قيود حصص الاستيراد على مصافي التكرير المستقلة.
من ناحيته، قال ألكسندر بوجل، المستشار في شركة “جي بي سي إنرجي” الدولية إن عدم الاستقرار ما زال مهيمنا بقوة على السوق، مبينا أن العقود الآجلة للنفط الخام بدأت الأسبوع وسط حالة من عدم اليقين بشأن مسار الأسعار في حين أن أساسيات الطلب لا تزال قوية، ولكن هناك بعض المخاوف الدولية من احتمالية تعثر الطلب مع استمرار ارتفاع أعداد الإصابة بمتغير دلتا في أجزاء من العالم.
وأشار إلى دور “أوبك+” المميز في قيادة السوق، حيث بدأت مطلع الشهر الجاري في ضخ زيادة بنحو 400 ألف برميل يوميا، لافتا إلى أن متابعي السوق النفطية عموما يتوقعون طلبا قويا لامتصاص هذه الزيادة في الإنتاج، ولكن مع ذلك يمكن أن تتسبب الزيادة في تراجع قصير الأجل ومؤقت في أسعار النفط.
من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون، المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن التقلبات السعرية للنفط الخام ستستمر في الأيام المقبلة بسبب متغيرات تقييم وضع الطلب بصفة متلاحقة، مبينا أن المكاسب السعرية التي تحققت في الأسابيع الماضية جاءت على خلفية ضعف الدولار الأمريكي وبيانات الطلب الأمريكي القوية.
وأكد أن أسعار النفط أقرب إلى التغلب على العوامل العكسية ومواصلة مسيرة الصعود، خاصة في ضوء احتمالية قوية باستمرار تسارع وتيرة تقلص المخزونات النفطية الأمريكية، إضافة إلى استمرار تشديد العرض بفضل سياسات “أوبك+” التي تقوم بزيادات حذرة تواكب انتعاش الطلب إلى جانب تراجع فرص عودة الصادرات الإيرانية في ضوء تعثر توصل طهران إلى اتفاق جديد مع القوى الدولية، وبالتالي استبعاد جلب مزيد من النفط الخام إلى السوق.
بدوره، قال ردولف هوبر، الباحث في شؤون الطاقة، ومدير أحد المواقع المتخصصة إن الاعتداء على ناقلة نفط قبالة سواحل عمان يجدد عودة مخاطر العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط، خاصة في ضوء الرد الأمريكي الصارم والتهديدات المستمرة بهجمات ضد إيران، التي يحوم حولها كثير من الشكوك، نظرا لتاريخها السابق في تنفيذ هجمات السفن في مياه الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا الحادث الخطير الأخير- إذا تأكد أنه تورط إيراني- سيشكل تصعيدا كبيرا، وربما حتى يعرقل محادثات فيينا النووية المتوقفة بالفعل، ما يصعب معه إحياء الاتفاق الدولي 2015 ومن ثم استبعاد استئناف ضخ الصادرات النفطية الإيرانية واستمرار تشديد العقوبات الأمريكية على طهران.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط وسط مخاوف حيال الاقتصاد الصيني بعد أن أظهر مسح أن نمو نشاط المصانع تراجع بشكل حاد لدى ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم مع تفاقم المخاوف بشأن زيادة إنتاج النفط من منتجي “أوبك”. وبحسب “رويترز”، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 74 سنتا بما يعادل 1 في المائة إلى 74.67 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:53 بتوقيت جرينتش بعد أن هبطت إلى مستوى متدن عند 74.10 دولار في وقت سابق من الجلسة.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 70 سنتا أو 1 في المائة إلى 73.25 دولار للبرميل بعد انخفاضها إلى 72.77 دولار للبرميل.
وقال إدوارد مويا، كبير المحللين في أواندا، “الصين تقود الانتعاش الاقتصادي في آسيا، وإذا تزايد التراجع، ستزداد المخاوف من أن تشهد التوقعات العالمية انخفاضا كبيرا. توقعات طلب الخام ليست على أرض صلبة وربما لن يتحسن ذلك لحين حدوث تحسن على صعيد اللقاحات عالميا”.
ومما أثر أيضا في الأسعار، خلص مسح لـ”رويترز” إلى أن إنتاج النفط من منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” ارتفع في تموز إلى أعلى مستوياته منذ نيسان 2020، إذ خففت المنظمة قيود الإنتاج بموجب اتفاق مع حلفائها.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك”، وسجل سعرها 74.98 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 74.42 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 73.03 دولار للبرميل.