اسماعيل زاير.. خلده فنه وتاريخه النضالي.. وانسانيته

احلام يوسف
لم يكن مجرد فنان او صحفي او رئيس تحرير جريدة، فالاهم من كل هذه الالقاب والعناوين، انسانيته، طيبة قلبه التي يشهد له بها حتى منافسيه.
اسماعيل زاير رحل بنحو مفاجيء، حتى اننا جميعا ما زلنا تحت تاثير الصدمة ولم نستوعب الى هذه اللحظة انه رحل عن عالم سعى لان يكون اجمل، ما زالت قهقهاته ومزاحه ونبرة صوته ترن في اذان كل من عرفه. كان يمزح حتى باصعب الظروف، اذ كان يأبى ان يمر اليوم من دون ان يضفي عليه شيء من المتعة والمرح.
شهدتُّ مواقف عدة دلت على حسه الانساني العالي، ويجب ان ان اذكر بعضا منها كي يعرف من يجهله حقيقته، ولماذا هذا الاهتمام الاعلامي بشخصه. احدى الزميلات تركت العمل لانها وجدت عملا براتب مجز اكثر، وبعد عدة اشهر ارادت ان تعود الى العمل بالجريدة، وسألتني ان اساعدها بهذا، ولم ابذل جهدا معه، اذ بمجرد اني اخبرته بطلبها قال “خليها ترجع، هذي بنتنا”.
موقف اخر معي حدث قبل نحو اربع سنوات، اذ قمت باجراء عملية جراحية، وبقيت ثلاثة اشهر منقطعة عن العمل، وظل هو مصر ان لا استأنف عملي الا بعد ان اشعر تماما اني بخير. ليس هناك قانون في الجريدة يوجب بقطع راتب موظف لانه تغيب عن العمل فهناك تسامح وحميمية بين الكل، وهذا بفضله اولا.
اضافة الى كل هذا فقد ساعد الكثيرين من خلال تعيينهم بالعمل في الجريدة، كي يحفظ لهم كرامتهم من خلال العمل مقابل اجر.
وفاة زاير وقعها صادم وصعب، لكن علينا ان نقول انه محظوظ بمحبة الناس له، وبانه ترك ارثا سيخلد اسمه سواء بلوحاته التشكيلية ام مكتبته العامرة بعناوين شتى، او بتاريخه النضالي والصحفي، وبالطبع جريدته التي تعد من اهم الصحف العراقية.
حقيقة وبكل صدق اقولها.. ما زلت لا اجرؤ على ان اقول “الله يرحمه” لاني ما زلت اشعر انه موجود في مكان ما في هذه الدنيا.
اسماعيل زاير رئيس تحرير جريدة الصباح الجديد، واحد مؤسسي شبكة الإعلام العراقي العام 2003 وعمل على تأسيس منظمات صحفية ومراكز دراسات”.
له كتاباته التي تعبر عن حبه الكبير لبلاده، حيث قد اسهم في إقامة ورش عمل صحفية، وشارك في وضع مواثيق شرف مهنية. كما عمل على تأسيس منظمات صحفية ومراكز دراسات، ، وشارك في وضع مواثيق شرف مهنية.
نعاه الكثير من الاعلامين والصحفين والمحبين له، حيث رحل بهدوء تاركا لنا رصيد كبير من الكتابات والمقالات التي اسهمت في الارشاد والتوعية وحب الوطن والدفاع عنه.

إسماعيل زاير … هل صحيح هذا ؟
رياض النعماني
من جديد نتدحرج من قمة شاهقة الى قاع سفح لا يُرى بعثرته العواصف بين حطام مختلط وحصى واحجار ورماد نهايات الحرائق … ونفتح البداهة على سؤالها الاول: هل الحياة عبث الى هذه الدرجة ؟ وهل هي تنتهي بهذا الموت الذي نراه امامنا ؟
أين تلك الحماسة التي لا تتعب؟ اين ذلك التأجج الذي يكاد يلتهم كل شىء؟ أين تلك الفوضى ربة الضجيج العذب؟ اين ذلك الاشتباك الحاد والحار مع ازمان الخطر؟ اين تلك الشجاعة العالية ؟ أينه اسماعيل زاير؟
هل صحيح اننا لم نعد نراه او نسمعه؟
سأظل اردد ما تقوله اولى الينابيع: كلما سمعت رائحة تفاحة وهي تتفتح.. سأنتظرك مع الاغاني.

اسماعيل زاير.. الاب الداعم دوما
حذام يوسف
خسر الوسط الصحفي والثقافي طاقة وخبرة بفقدانه الاستاذ الصحفي الكبير إسماعيل زاير.
عملت في جريدة الصباح الجديد لسنوات، كان داعما ومتواصلا مع الجميع، اذكر انه استعرض لي مجموعة من الكتب مقترحا علي قراءتها وكنت سعيدة بهذا الإهتمام وهذا الحرص والحث على القراءة والإطلاع.
تربطنا بالأستاذ إسماعيل علاقة عائلية فهو صديق قديم للأهل، وبعد عملي معهم في الصحيفة توطدت علاقتي به أكثر وجمعتني به حوارات عديدة ومتنوعة، نتفق ونختلف ولكن مستوى خط العلاقة يرتفع ويسمو فوق كل الإعتبارات، كان حريصا على الجميع، طيبا رقيقا حتى في ساعات غضبه وعصبيته فسرعان ما يهدأ ويعود لنفسه الأبوي فهو ينادينا بكلمة (بابا)، وكم من موقف نبيل كان له مع العاملين في الصحيفة، مساندا ومقدرا لظروفهم.
بعد مغادرتي الصحيفة لم ننقطع عن التواصل والسؤال عن الحال والأحوال، حزنت جدا حين قرأت خبر وفاته برغم علمنا المسبق بسوء حالته الصحية، لكنها صدمة لكل من عرفه كصحفي وانسان بمتلك طاقة عظيمة للعمل تفرق بها على الشباب، الرحمة والمغفرة له والذكر الطيب له.

استعجلت الرحيل عن عالم احببته
ابتسام يوسف الطاهر
الاخ والصديق اسماعيل الزاير.. كان املي ان التقيك منذ حططت الرحال في بغداد قبل أيام.. بغداد التي اتعبها الاعداء وبعض الجاحدون من الابناء..وحتى من هم بين بين!
واذا بك تستعجل الرحيل عن عالم احببته، وعملتَ الكثير من اجله، لكي تسهم بزرع شجيرات امل، لتجعله معقولا للاجيال القادمة وللاجيال التي اتعبها الانتظار.
كيف ارثيك وانت حي اكثر من ذوي التسلط والمال ممن يستحقون الرثاء وهم احياءا بجسدهم الخالي من الضمير.
انت حي بيننا بلوحاتك التي حرصت من خلالها، لتكون ريشتك والوانك في خدمة الناس والارض والامل. انت حي بذكراك وانت لم تتردد في منح فرصة العمل والامل لشباب مبدعين. انت حي بيننا في مشروعك الثقافي والسياسي جريدك التي انشأتها من اللبنة الاولى.
حتى بصخبك وانفعالاتك التي تعقبها بضحكة أو ابتسامة تطل على طويتك الطيبة. لكنك استعجلت الرحيل. ولم تتمهل لكي نلوح لك بايدينا مودعين، لنوهم انفسنا بلقاءك بعد حين. فالى اللقاء ايها الصديق الطيب والجميل.

اسماعيل زاير..البساطة والطيبة في رجل
سمير خليل
كنت اسمع كغيري الكثيرين باسمك، لم تكن بيننا معرفة خاصة برغم انك كنت تزور كليتنا (اكاديمية الفنون الجميلة) في سبعينيات القرن الماضي بين الحين والحين الاخر قبل ان تحلق حالك حال العشرات من الطيور المهاجرة صوب المنافي الباردة، طيور غادرت مجبرة، مكرهة لكن جذوة الحنين للبيت الام لم تنطفيء ابدا .
بعد العام 2003 عدت الى وطنك محملا بآمال واحلام وامنيات حققت بعضها بشجاعتك وثقتك بنفسك والعاملين معك، ممن قاسموك حب الوطن وحمل همومه وتطلعاته، تحركت كطائر حر وسط فضاء مضطرب، كنت السياسي والكاتب والصحفي والفنان والاهم من كل هذا كنت انسانا طيبا رحوما متواضعا بسيطا، وخلال سنوات كنت التقيك على غير موعد وفي لقاءات قصيرة متباعدة وكنت لاارى اي تغيير بين لقاء وآخر، على العكس كان كل لقاء يزيد من اعجابي بك حتى سنحت الفرصة لي ان اكون احد كتاب جريدتك الاثيرة ، ابنتك المدللة”الصباح الجديد”.
لم اشعر طوال عملي معك وانضمامي لاسرة الصباح الجديد باية غربة، كان الجميع يعمل كخلية محبة يتكيء افرادها على ادارتك السلسة الخالية من السطوة والفوقية، لم نشعر يوما بالفرز الحاد بين رئيس التحرير والمحررين، بل العكس كنت تشعرنا دوما انك واحد منا، تناقش مفردات العمل بمهنية عالية بعيدا عن سطوة المسؤول (رئيس التحرير)، حتى عندما كنت تحتد بالنقاش تعود بعدها لهدوءك ومزحاتك المعهودة، وكثير من الاوقات كنت تأخذ بقناعاتنا وآرائنا بشكل ودي، وعندما تغادر العراق وتعود اليه، كنت تتفقد غرف الجريدة واحدة واحدة، تلقي التحايا وتسأل عن الجميع من غاب ومن حضر.
اذكر مرة انني سألتك سؤالا : لماذا لم تتبوأ منصبا اداريا او سياسيا برغم ان اسمك يتردد كثيرا بعد العام 2003؟ اجبتني بهدوءك المعهود: لايكفي ان يتردد اسمك كي تتبوأ المناصب.
هذا انت اسماعيل زاير، الانسان قبل كل الصفات، ترحل اليوم تاركا كل هذا الخزين من المحبة والذكريات والبساطة والمهنية العالية، هاانت ترحل اليوم نحو مثواك الاخير تاركا حسرات في قلوب محبيك، لكنه الموت يا ابا ظافر، لاراد لقضاءه واجله المحتوم.
انالله وانا اليه راجعون

وداعاًاسماعيلزاير

حسام السراي
يرحلُ اسماعيل زاير في زمن الوباء، ويغيبُ أحد أهمّ مؤسّسي الصحافة العراقيّة الجديدة بعد 2003..
خبرُ رحيلِه المُحزن والمُفاجئ تُستعادُ معه ذكرياتٌ وأيّامُ عمل جميلة جمعتنا في صحيفته “الصباح الجديد”، أشهدُ إنّه كان ديمقراطيّاً في العمل مُتقبّلاً للاختلاف والعتب والنقد في شؤون السياسة والإعلام، خلافَا لأسماء غير قليلة في الوسط الصحافي والثقافي العراقي لا تقبلُ بالندّ وتُريد من الآخر أن يكونَ مجرّد جليس في طاولة، هم من يتوسّطها ويتحدّث فيها دائماً.
عملتُ في “الصباح الجديد” لستّ سنوات تقريباً، أشهدُ أنّه منحني ثقة كاملة وكنتُ بالفعل مدلّلاً في ظلّ إدارته للصحيفة التي كان يقول لنا في كلّ اجتماع “إنّ أيّ واحد من هيئة التحرير هو رئيس تحريرنا، ولست أنا لوحدي”.
نعم كانت “الصباح الجديد” والعملُ مع اسماعيل زاير-مسؤولاً عن القسم الثقافي في الصحيفة- إحدى أهمّ محطّات عملي في الصحافة الثقافيّة..
أشهد أنّي كنتُ مقدّراً من قبله، نشرتُ موادّاً لم يكن يتفق معها، لكنّه وافق على تمريرها في الصحيفة، احتواني في أحداث كثيرة بعد العام 2011 كشاب غاضب ومحتج لم يكتشف بعد أوهامه في هذا البلد المنكوب، كان عقلاً مُنفتحاً لديه مسافة من النقد الذاتي مع ماضي الانتماء السياسي، يحبُّ تبادل الأفكار ويسمعها بعناية ويرتاح للجدل الذي كنتُ أخوض فيه معه..
اسماعيل زاير الذي كان ينادي على زملائه في الجريدة: أبو زينة (جمعة الحلفي)، أبو فجر (جمال كريم)، علي السراي، احسان ناجي، نافع مطر، يوسف زاير، حسامو (كما كان يحلو له أن يناديني)، وآخرين من أصدقاء العمل: “يلا كلنا نروح للبصرة” ويقصد حديقة بيته في الوزيرية، حيث مائدته العامرة هناك بعد انتهاء ساعات العمل..
هذه المرّة لن نذهب إلى البصرة و”مافي كلام”، إلا بعد أنْ نستفيق بأنّ صوتك العالي قد خفت إلى الأبد..
وداعاً أبا ظافر: اسماعيل زاير الديمقراطي والمُحب والمتسامح الذي يعطي من خبرته لمن حوله ويعلّمهم.

اسماعيل زاير.. يا الهي ما هذا الرجل؟
لؤي حمزة عباس
المرّة الأولى التي رأيت فيها اسماعيل زاير كانت في شتاء 2004، ولم نكن قد أفقنا بعد من صدمة السقوط المدوي في بغداد وما تبعها من سوء إدارة عادت معها مشاهد النهب والتخريب التي عشنا تفاصيلها عام 1991.
معرفتي به لم تتعد كونه أخ ابراهيم زاير الشاعر والرسام الذي مات منتحراً عام 1972 في شقة ببيروت عن 28 عاماً، تاركاً قصاصته الشهيرة: “لقد قررت الانتحار، آسف لإزعاجكم”، دخل اسماعيل كالعاصفة إلى مقهى الأدباء شبه المعتم متوجهاً على الفور إلى المنصة، كان المقهى شبيهاً بكهف يطل على زقاق ضيق يقسمه مجرى مائي قذر، من أزقة محلة البجاري في العشار، وقد دخل في نظام تعدد المهام فهو ملتقى الأدباء والصحفيين والفنانيين في البصرة، بعد (حوسمة) مقراتهم، وهو مطعم رخيص، مثلما هو منذ ذلك الحين مقر التجمع الوطني، الكيان السياسي جماهيري الطابع الذي أسس بعد 2003، لذلك كانت المنصة حاضرة في كل وقت، لا أذكر من همس في أذني باسمه، لكن معرفتي اسمه لم تغيّب صدمتي الشخصية وأنا أرى للمرة الأولى (مثقفاً) متبوعاً برجل مدني يحمل بندقية، حاولت مع نفسي أن أجد تفسيراً لذلك المشهد الذي سيتكرر بفعل فوضى الحياة العراقية، وسأراه في أكثر من مكان حتى داخل الحرم الجامعي نفسه. تحدث اسماعيل عن أشياء عديدة على نحو موجز كأنه كان على عجلة من أمره أو لعله كان يأنف أن يحدث الحاضرين بهدوء وتفصيل، كان أسلوبه ونبرة صوته كافيين لضخ ما يكفي من التعالي في جو المقهى، يا إلهي ما هذا الرجل؟
سيتردد اسمه كثيراً بعد أن أسهم بتأسيس شبكة الاعلام العراقية، ورأس تحرير جريدة (الصباح) الرسمية، ليؤسس بعدها جريدته الخاصة تحت عنوان (الصباح الجديد)، ما أكثر صباحات العراق!، واليوم يأتي خبر وفاته بعد معاناة مع المرض الذي لم يمهله طويلاً، وما زلت أراه في دخوله العاصف إلى المقهى ليتحدث عن العراق كما توهمه لا كما حلم به..

إسماعيل زاير ارقد بسلام.. وقبل ان تكتب افتتاحية صحيفتك “الصباح الجديد”
وداد إبراهيم
إسماعيل زاير ارقد بسلام، فجسدك المتعب وقلبك الطيب والوجدان الذي يعيش داخلك ولم يرقد، كل هؤلاء منعوك ان تكتب الافتتاحية الأخيرة لصحيفتك ولمنبرك الحر (الصباح الجديد).
صحيفتك وبيتك وحياتك والتي جعلتها تقترب الى المثالية تهتم بكل صغيرة وكبيرة فيها، وبحياة كل العاملين معك في الصحيفة وكل من حولك.
انا حزينة لوفاتك بل اشعر بشئ اكبر من الحزن لرحيلك ماذا اكتب عنك والدموع تسابق كلماتي الخجلة بحقك كصديق ورب عمل ومعلم واخ وأب؟
يوم الأربعاء الذي سبق يوم وفاتك حين زرت مقر الجريدة كنت على عجل وكنت اريد ان اتحدث لك عن أفكار للصفحة الأخيرة كما اعتدنا ان نناقش معك ما نريد وما نحب ان نكتب.
إسماعيل زاير كنت زهو الجريدة، حين تدعو كل العاملين في حديث عن العمل والتعامل مع متدربة واحدة من كلية الاعلام وتطلب منا ان نهتم كلنا بها وتقول لها: “ستخرجين من هذه المؤسسة صحفية جيدة” وتطلب ان من احد الزملاء ان يختار لها من مكتبك ما ينفعها من الكتب.
تنظر للاحداث والاشياء بعين فنان وكاتب وفيلسوف نعم لانك انت من قال: “هل تعرفين اني انا رسام؟ لكن الكل يرجح اني صحفي ورئيس تحرير وانا احب الرسم، انا رسام”. تؤلمني الحياة بضربات حين تضع امامي رحيلك كحقيقة لا اريد ان اصدقها فرحيلك خسارة كبيرة لكل العاملين معك في الصحيفة وكل اصدقائك. لك الجنة ونعيمها والطمأنينة والسلام لك الراحة في دار الخلد ارقد بأمان كنت وستبقى الاب والمعلم والاخ والصديق.

انهكتك المهنة التي عشقتها
علي السومري
جالس في عزائك اليوم، لكنني غير مصدق حتى اللحظة غيابك الأبدي عنا أيها المُعلم.
لا يمكن الحديث عن الصحافة في #العراقالجديد، من دون ذكرك، كيف لا، وأنت أحد رموز هذه المهنة المميتة والتي أنهكت روحك قبل جسدك طويلاً. كيف يمكن نسيان فضلك على الكثير من الزملاء، أنت الذي أسست أكبر صحيفة في البلاد، جريدة #الصباح، التي تتلمذ على يديك فيها الكثير من الصحفيين وأنا منهم، لتؤسس بعدها #الصباحالجديد، هكذا عشت قوياً ومدافعا عن الحرية وقيمها.
عارضت الطاغية سنوات طوال وبقوة، وعدت لوطنك بعد انهيار نظامه الديكتاتوري محملاً بالكثير من الأفكار، لكن هذي البلاد كعادتها، قاتلة لمحبيها، طاردة لعشاقها أيها الحبيب.
لم يتبق لي سوى ذكرياتي معك، تلك التي تسيل مع دموعي الآن.
وداعاً أيها النبيل، يامن أحببته أباً وأستاذاً ومُعلماً وصديقا.

رمح الصحافة العراقية ..غادرنا
زياد الشمري
لاشيء أصعب من فقدان عزيز لنا، ولا يوجد كلمات تعبرعما في داخلنا، ولا يسعنا سوى أن نرضى بقضاء الله وقدره فالموت علينا حق لا مفر منه ابدا. خسرت الصحافة العراقية قامة ثقافية مهمة بكلماتها ومواقفها النبيلة التي لاتزال باقية فينا.. شعلة متوقدة من العطاء والعمل والمثابرة ذلك هو اسماعيل زاير الذي رحل عنا بشكل مفاجئ فكان رحيله مفاجئ ومفجع لكل محبية. رحيل الاب الروحي الاخ الاستاذ المرحوم اسماعيل زاير جراء نوبة قلبية .. الكلام لايصف هذا الرجل لذلك ساكون ملما بالحديث عنه فمعرفتي كانت عبارة عن مواقف نبيلة صادقة ومحبة فهو يحاول ان يخدم من يعرفه باي ثمن كان حتى وان اقتصر الجميل على المجالسة، ففي الحديث معه تجده شخصية عراقية خالصة. وطني محب لبلده لا يكترث لاي شائبة تصدع بها المجتمع. ففي مكتبه يستقبل اي زائر بتواضع ومحبة ويتحدث مع من يعمل معه بتواضع كبير ومحبة، لا يوجد حد للحديث عن كرم وطيبة هذا الرجل الذي رحل تاركا غصة كبيرة في نفوس محبية ومن يعمل معه بل وحتى جدران الصحيفة تجدها متوشحة بالسواد .. لا اعتراض على حكم الله لكن لازال العراق بحاجة الى اسماعيل زاير فمن امثاله هم قلائل في زمننا الذي انجر وراء الطائفية والمحسوبية وخدمة الناس بالمقابل الا هذا الرجل الذي ظل اشبه بينبوع يتدفق محبة وطيبة للناس من البسطاء والمساكين ومن هم بحاجة الى مساعدة ..

وداعا أبا ظافر…
محمود خيون
بعد الأحداث التي تلت عام ٢٠٠٣ اتصل بي صديقي وزميلي الروائي والقاص الكبير عبد الستار البيضاتي ليخبرني بأن مشروع تأسيس جريدة مستقلة ويومية والمطلوب كادر مهني وحرفي متخصص وله خبرة في العمل الصحفي وفي تلك الظروف والأوقات العصيبة ومن دون تردد رحبت بالفكرة واتفقنا على موعد في اليوم التالي من المخابرة وفعلا تم اللقاء في اليوم التالي وذهبنا إلى مقر الجريدة وكان بمنطقة الصالحية فوجدت مجموعة من الزملاء ومنهم الزميل محمد الغزي واكرم محمد علي ورياض شابا وماهر فيصل وغيرهم ممن تخونني الذاكرة عن ذكر أسماءهم..
وبعد الاجتماع بالأستاذ إسماعيل زاير الذي رحب بنا وتعرف علينا لاننا فارقناه لسنوات طويلة بعد مغادرته البلاد..وضعنا الخطة وبدأنا العمل وبعد أيام حدثت لي ظروف حرجة اضطرتني لترك العمل … وبعد فترة طلب مني الزميل الروائي عبد الستار البيضاتي الإلتحاق بالعمل وبمقر الجريدة الجديد في الوزيرية مطبعة جريدة بابل..المقر الحالي لجريدة الصباح..والتحقت في اليوم الثاني فوجدت الزملاء المرحوم تركي كاظم جودة وناجي متعب وابو رحومي وطالب حنويت وملاذ الامين والزميلات شذى وشهلاء وغيرهن…وبدأت العمل سكرتارية التحرير بعد استلام الزميل رياض شابا مسؤولية مدير التحرير بدلا من الاخ أكرم محمد علي. واستمر عملنا حتى صارت ” الصباح ” صباحا مشرقا بجهود الجميع وبحبكة ومهنية و حرفية الأستاذ إسماعيل زاير الذي قدم لنا انواع المساعدات والتسهيلات ومنحنا الثقة في العمل صحيح واجهنا الكثير من الصعوبات والمشكلات وخاصة الوضع الامني آنذاك وانفلاته وصعوبة الوصول إلى مقر الجريدة والتحديات الأخرى إذ تعرض المقر إلى اعتداءات مسلحة ومحاولة اختطاف رئيس التحرير واغتيال السائق والمرافق الشخصي له..ولكن تجاوزنا ذلك بالصبر والحكمة واستمر العمل على قدم وساق…
وفي عام ٢٠٠٤ حدثت مشكلات مع الجهات المشرفة على الجريدة، مما اضطر الأستاذ اسماعيل زاير إلى الانفصال والبدء بمشروع تأسيس جريدة جديدة اتفقنا فيما بعد على تسميتها بأسم( الصباح الجديد ) وقد خيرنا وقتها المرحوم الأستاذ اسماعيل زاير ما بين البقاء في الصباح أو الإلتحاق بفريق الصباح الجديد.. وهكذا كانت الرحلة الثانية من المشقة والتعب…اصدرنا العدد الأول بجهود إستثنائية في إعداد الأخبار..وشقت( الصباح الجديد ) طريقها مابين مثيلاتها من الصحف المحلية وصارت اسما له مكانة…
هذه هي بعض من تفصيلات الرحلتين مابين الصباح والصباح الجديد…ومع أستاذنا الرائع والمهني الخلوق الأستاذ اسماعيل زاير…ونحن إذ نفجع برحيله المفاجىء عنا لا نقول وداعا أبا ظافر العزيز وانما نعاهد أن يظل أسمك إنشاء الله لامعا مابين الأسماء الكبيرة التي عززت دور الصحافة في البلاد واعطتها مكانتها الحقيقية وعندما نقولها وداعا أبا ظافر الحبيب..فهي تدمي قلوبنا وتنسج من دموعنا التي ذرفت لنطفيء بها ذالك الألم لفراقك ايها الغالي…ايها الطيب وأبا الابتسامة الخالدة والأخوة الصادقة….
وداعا أبا ظافر الحبيب وان مثواك الجنة والنعيم….

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة