وللأنانية جذورٌ بعيدة ..!!

1-

جاء في التاريخ :

أنَّ أعرابياً دعا الله تعالى وقال :

” اللهم ارحمني ومحمدا ، ولا ترحم معنا أحدا “

فقال له النبي (ص) :

( لقد حجرت واسعاً ) 

-2-

انّ الانانية دعت هذا الأعرابي أنْ يحتكر الرحمة لنفسه، ولا يمانع أنْ تمتد لتشمل سيد الكائنات محمداً (ص)، أَمَّا المسلمون وسائر الناس فلا يتمنى لهم منها شيئا على الاطلاق ..!!

يقول هذا على جهل واضح منه بانَّ رحمة الله وسعت السموات والارضين فكيف لا تسع عباده الموجودين على سطح هذه الكُرَةِ الارضية؟

قال تعالى :

” ورحمتي وسعت كلّ شيء ” 

الاعراف /156 

-3 –

ومن ذلك الأعرابي الجافي الغليظ الذي لم يُحب الخير لأحد سواه باستثناء الرسول (ص) الى جُلِّ المتربعين على كراسي السلطة اليوم ممن لا يهتمون الاّ بتعيين أبنائهم في أحسن المواقع الوظيفية، ولا يُفكرون بِحَلِّ مشكلة العاطلين عن العمل مِنْ أصحاب الشهادات العليا والكفاءات المتميزة والمهنية العالية …، في منحى رهيبٍ من الانانية المكثفة ولسان حال أحدهم يقول :

انما دنيايَ نفسي فاذا 

سلمتْ نفسي فلا عَاشَ أَحَدْ 

-4-

من صفات المؤمن ان يُحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه ، والانانيون جميعا أبعد الناس عن مقتضيات الايمان، والمشاعر الانسانية ، ورهافة الحس الوطني، والسمو الاخلاقي …

وأين هذا ممن قال :

فلا هطلت عَليَّ ولا بِأَرْضي

سحائِبُ ليس تنتظمُ البِلادا

انّه يريد الخير العميم الشامل لأهله بل للناس أجمعين .

وهذه هي صور الانسان النبيل الذي ليس في قلبه مَرْض …

-5-

انّ من أهم أسباب تفاقم الأزمات والمشكلات ( في العراق الجديد ) غياب النزعة الموضوعية، واستحواذ النزعات الحزبية والطائفية والعشائرية والمناطقية على معظم السلطويين ، الأمر الذي جعلهم يستمرؤون المحاصصات ، ويُبعدون أصحاب البراعات والكفاءات ، في منحى شديد الخطورة على الأمن الاجتماعي، فضلاً عن الآثار السلبية الرهيبة التي لم يَنْجُ منها مرفق من المرافق العامة في البلاد .

-6-

انّ هناك ما يمكن أنْ يعد من الجنايات الكبرى التي لا يصح السكوت عنها بحال من الأحوال ومنها مثلا :

تقديم الهزيل على الأصيل ، 

وإبعاد أصحاب المهنية والخبرة والقدرة على النهوض بالمسؤولية ليحل محلهم المحسوبون على الكتل النافذة والكيانات المتسيدة،

وهكذا تدفع البلاد والعباد الثمنَ الباهض ، وتتواصل حلقات الفشل والتخلف 

وهكذا يكون التدوير الرافض للتغيير جملة وتفصيلا ..

ولكن :

هل يصح الكف عن مواصلة العمل لتصحيح الأوضاع الفاسدة ؟

والجواب :

لا ، وبكل تأكيد 

انّ المسؤولية لن تسقط عن كُلّ الذين تناط بهم عمليات التوعية والتثقيف والتعبئة اللازمة … وليس الطريق مفروشا بالورود والرياحين أمام الناهضين الساعين لانقاذ البلاد من براثن الفساد .

انّ رواد الاصلاح والتغيير عبر امتدادات الزمان والمكان واجهوا التحديات الصعبة بالثبات ومواصلة العمل الجاد مستعينين بالله سبحانه لتذليل الصعاب وانهاء ليالي المعاناة والعذاب .

حسين الصدر 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة