«يوم الملكة»..
الصباح الجديد – متابعة:
يجد العديد من مناصري المرأة من الناشطين او المنظمات التي تعنى بشؤونها، ان المرأة في الماضي كانت قيمتها اكبر ومكانتها اعلى، استنادا الى كتب التاريخ التي دونت تفاصيل حياة الناس قبل قرون من الزمن.
من ضمن الديانات التي قدرت المرأة واحتفت بها، الزرادشتية حيث يحتفل هذه الايام اتباع الديانة الزرادشتية في مدينة السليمانية بالعراق، بيوم المرأة الذي يسمونه «عيد اسفندرمزدا»، الذي يعني «يوم الملكة»، والذي يصادف أواخر شهر فبراير من كل عام ويستمر الى الايام الاولى من شهر مارس الجاري.
طقوس متعددة موغلة في القدم، تطغى على احتفالات «يوم الملكة»، إذ يتولى الرجال القيام بالواجبات المنزلية اليومية التي تؤديها زوجته، كإعداد الطعام للعائلة ورعاية الأطفال والتنظيف، فضلا عن تدليل زوجته وتقديم باقات الورود والهدايا لها.
ممثلة الزرادشتية في أوقاف إقليم كردستان العراق، آوات حسام الدين، التي حضرت الاحتفالية مع شخصيات دينية، وصفت اليوم بأنه «من الأعياد المميزة لدى الزرادشتيين، نظرا لمكانة المرأة المقدسة لديهم».
وأضافت آوات أن تاريخ الاحتفال موغل في القدم، إذ يصل إلى 3750 سنة قبل الميلاد. وتابعت: «التحضيرات للاحتفالية تبدأ نهاية شهر فبراير وتستمر لأيام، وترتدي النساء الزرادشتيات بعد أداء الصلاة، ملابس جديدة ويحتفلن بالرقص بعقد من الزهور في أيديهن، في أثناء تلقي الهدايا من الرجال».
ويرتبط «عيد المرأة» كما يتحدث الكاهن الزرادشتي عصام صبري، ممثل الديانة الزرادشتية في شمال سوريا، بموسم الربيع وخصوبة الطبيعة، ويتم إحياء مراسمه الأولى بتجمهر المحتفلين حول كاهن معبد «اتشكاه»، أو كما يسمى باللغة الكردية «اسروان»، الذي يقرع الأجراس في مدينة السليمانية.
وأضاف صبري: «يتم إشعال النار وسط العائلات المحتفلة، وتلاوة نصوص من الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية المسمى «افيستا»، والدعاء من الكاهن لإحلال المحبة والسلام في العالم، ومباركة الأسر وتبيان ماهية العيد وضرورة إحيائه في كل عام».
وتابع: «توزع الحلويات والسكاكر ومعجنات العيد على المحتفلين، وتؤدى حلقات الدبكة (الرقصة) الشعبية من ساحة المعبد، باتجاه أحد المنازل التي يتم اختيارها لإتمام مراسم الاحتفال فيها».
وتتزين مائدة العيد في المعبد وفي المنازل بأطباق من الفاكهة، سيما الرمان إضافة إلى الجوز واللوز والتمر، وتابع: «طيبات الطبيعة من الفاكهة ترمز في الزرادشتية للمرأة وخصوبتها وطبيعتها المعطاءة».
وتضم الزرادشتية مجموعة من التعاليم التي أرساها مؤسسها زرادشت من «الأفيستا»، وتعرف باسم «الجاثاس»، وهي تراتيل طقوسية.
وتنص الديانة على المساواة بين الجنسين في القيادة والإرث وإبداء الرأي في الحقوق والواجبات بكل مجالات الحياة، حيث تقلدت المرأة الزردشتية مقاليد الحكم قبل ذلك، كما أنها يمكن ان تصبح كاهنة في المعبد وتجلس في مجالس الرجال.
ويتوجه الزرادشتيون في صلاتهم باتجاه نار يوقدونها كرمز تقديسي لنور الخالق، كما يتم تقديس الطبيعة والشمس. وقال الباحث المتخصص في الديانة الزرادشتية زرادشت كال، إن الزرادشتية «فلسفة وعقيدة قديمة وكانت الديانة الرسمية للإمبراطوريات الميدية والأخمينية والبارثية والساسانية».
وأضاف: «زرادشت كان أول من تطرق إلى فكرة الصراع بين الخير والشر، الموجود داخل كل إنسان، والحكم الإلهي بعد الموت، وهو يطلب في تعاليمه اتباع طريق الحق».
ويقدر عدد الزرادشتيين بـ300 ألف شخص في إقليم كردستان، ولهم ممثل في أوقاف إقليم كردستان العراق، ويتوزعون بأعداد كبيرة في إيران وسوريا والعراق والهند وأذربيجان وروسيا وغيرها من بلدان العالم، دون توفر إحصاءات دقيقة عن عددهم الحقيقي.