افتقد مشجعو الرياضة مشاهدة مباريات كرة القدم الحية منذ أكثر من عام، المباريات الكروية التي أحبوها وعشقوها. وغاب عن ناظرهم حركات المبدعين من أساطين كرة القدم وهي تحدث أمامهم وسط أصوات الجمهور المنتشية. ولكن مع مرور الزمن اعتاد الجمهور على ذلك الغياب وتسمروا بدلاً من المقعد المألوف في الإستاديوم على تعويضات طريفة مسجلة لأصوات افتراضية لصرخات متناسبة مع كل حركة وأناشيد كانوا ينشدونها في العادة، بل صرخات الغضب والحماس كما لو كان الناس أنفسهم في الملعب.
طبعاً لا يخفى على الخبراء والمتابعين أن ثمة من يخسر الكثير بسبب غياب الجمهور ولا سيما شركات الإعلان والبث التلفزيوني الحي واليهم يخسر مسؤولو أقسام التخصص في كل ناد، الذين اعتادوا أن يكسبوا من نقل كل مباراة ملايين الدولارات ومن كل تسعين دقيقة ملايين إضافية عن المبالغ المترتبة على قمصان اللاعبين المشهورين فضلا عن الموارد المترتبة عن بيعها في مخازن الفرق كلها.
ولكن السؤال هنا: هل اضمحل دور كرة القدم أو تضاءل أثرها وشعبيتها؟ أبداً، فالصناعة الرياضية أثبتت أنها فناً عميق الجذور قادر على التأقلم والتدبير والابتكار بما يسمح بتقليص خسائرها من هجران الجمهور وتقييد الحضور البشري. وتدرك تلك الصناعات أنها إن لم تعوض عن نشاطها الحي بنشاط افتراضي نادر الحصول في مجال او قطاع آخر، فإنها ستتلاشى وتندثر وتنضم الى بقية القطاعات التي أدخلها كورونا الى المسلخ التكنلوجي الذي لا يرحم..
ومن الملامح المؤلمة لهذا العالم القاسي ما يحصل في مجال عقود اللاعبين في فترة الانتقالات الشتوية إذ شهدنا تدنياً كبيراُ في العقود. ويشهد الجدل الدائر بصدد اللاعب الارجنتيني ليونيل ميسي حجم الانفعالات المرافقة لأزمته مع برشلونة ولا سيما نشر تفصيلات عقده مع النادي على الملأ مما تسبب بإثارة الكثير من المناقشات المتباينة بما في ذلك محاولة التحريض على ميسي ومقدار عقده باهض القيمة.
ولكن الموضوع أثار جدلاً غير منتظر أضر بمصالح أولئك الذين أفشوا الأمر لأن عقد ميسي جلب خلال عقد من السنين الماضية للنادي مكاسب كبيرة للغاية لا تقارن بما جرى الاتفاق معه. ولكن حسابات ميسي ليست بقدر حسابات اللاعبين الآخرين في أوروبا أو غيرها. فليس كلهم بجاذبية ميسي ولا عبقريته الكروية، لذا فنحن إزاء انخفاض يقدر بثلاثين من المئة في أسعار عقود اللاعبين الباقين.
ولكن مع كل هذه التطورات لا تزال الرياضة بحاجة الى التعافي بشكل منهجي وواسع حتى تصل الى المستويات السابقة. ولهذا تجهد المؤسسات المتخصصة في البحث عن حلول مقنعة للتخلص من الأزمة ولهذا فهي تتشارك مع المؤسسات الصحية الدولية في السعي المحموم للخروج من نفق طال السير فيه من دون ضوء.
- رئيس التحرير
إسماعيل زاير