تعددت الالوان والكذب واحد

أحلام يوسف
اغلبنا يسعى حين يخطيء الى تبرير خطأة بحجج عدة، ومن ضمن الاخطاء التي ترتكب من اغلب الاشخاص الكذب، الذي يبرره البعض بحجج كثيرة، حتى جعل البعض له لونين ابيض واسود، فيما صيّر له بعض آخر لونا رماديا يجمع ما بين الاسود المتمثل بالصفة والابيض المتمثل بالغاية.
الكذب بصفة عامة مذموم من المجتمعات والأديان، فكيف يمكن ان نلونه بلون النقاء والوضوح “الأبيض” ؟ تقول منار مشني الباحثة بعلم الاجتماع: الكذبة البيضاء، التي تكون غايتها اصلاح ذات البين وهذا يجوز شرعا، فانت في حال حدوث خلاف بين صديقتين لك، وما يتبعه من نميمة، وكل واحدة منهما قد تغتاب الاخرى امامك، يمكن ساعتها ان تكذبي عليهما كل على حدة، بأن تقولي لكل واحدة منهما ان فلانة “الطرف الاخر” متأسفة لما حدث، لكنها تخاف البدء بالصلح لئلا تقومي بصدها، او ان فلانة تتحدث عنك بالطيب دائما، فتلك الكذبة غايتها تصفية النفوس، وسعي لإنهاء خلاف بين اثنين، حتى وان لم تكن تربطني بهما علاقة.
اذن الكذبة البيضاء حالة موجودة وصحية، لكن هل الكل يفسرها بتلك الطريقة التي تحدثت بها مشني؟
يقول سلام الجنابي احد التجار في اسواق الشورجة: الكذبة البيضاء واقع حال، وعادة تكون الغاية منها تلافي خلاف او مشكلة، فانا مثلا اكذب على زوجتي ببعض الأمور، لكن ليس لأني ارغب بالكذب، بل لأني اعرف ان الحقيقة يمكن ان تؤذيها، او تتسبب بحدوث مشكلة، فلو سألتني مثلا عن علاقتي بصديقاتي على الفيس بوك اخبرها بانهن مجرد صديقات افتراضيات، مع اني التقيت باثنتين منهن، وكان لقاء تعارف فقط، فانا احب واحترم زوجتي جدا، وهاتان الصديقتان طلبت لقاءهما لأني وجدت فيهما العقل الواعي الذي يحترم ويفقه معنى الصداقة، لكن ان اخبرت زوجتي بذلك فسيحدث إعصار.
كلنا نعلم أن الأصل هو حرمة الكذب، إلا أن الشرع الحنيف قد أباحه في مواطن تكون المصلحة فيها أكبر وأعظم، ومن ذلك حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، أن النبي “ص” قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا.
عدد من الأهالي التقيتهم، واجمعوا انهم يمارسون الكذب على أطفالهم وغالبا ما يفيد مصلحتهم. استبرق عزيز تقول: غالبا استعين بكذبة ان بابا سيجلب معه اليوم هدية ان لم تقرأ جيدا وتحفظ الدرس لن ادعه يعطيك إياها، او ان ارغبه بالأكل فأخبره بنيتنا الخروج للنزهة فيما بعد، طبعا فيما بعد ابحث عن حجة أخرى تبرر كذبة الهدية او النزهة كأن أقول لقد نسي جلبها معه، او ان بابا مجهد وعلينا ان نقدر حالته وسنخرج يوما اخر.
يبدو ان حديث الرسول “إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل أمرئ ما نوى” يصلح لكل الحالات والاوقات والازمان، فحتى بالكذب تكون النية حاضرة، فان كانت النية حسنة فهي كما يطلق عليها كذبة بيضاء، وان كانت نية سيئة فإنها كذبة شريرة، سوداء، مع اننا نتمنى ان لا نجد أنفسنا يوما ما بموقف يضطرنا الى الكذب حتى وان كان لونه ابيض.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة