متابعة الصباح الجديد:
صدر العدد الجديد ( 237 ) من جريدة الاديب الثقافية ” التي يرأس تحريرها الكاتب العراقي عباس عبد جاسم بطبعتيها الورقية والالكترونية ، وهي جريدة شهرية ثقافية تصدر بالتناوب مع مجلة ” الأديب الثقافية ” الدورية، وقد ضمّت كتابات ثقافية مختلفة.
في حقل ” فكر” تواصل الدكتورة هناء خليف غني في ترجمة الدراسة التي كتبتها هانو أركانين ” أحب اطرافك الاصطناعية كما تحب نفسك ” وفيها يشكل ” الجنس ” في المستقبل مركز مدار الجسد الافتراضي في خطاب السايبر عبر تحوّلات النظرية الثقافية ما بعد الحداثية ، حيث لم تعد الاطراف الاصطناعية تشير الى الفقد والمعاناة بل الى اللذة والليبيدو : لقد تحوّلت من مساعد ميكانيكي للجسم الى إضافة لجسد النظرية ما بعد الحداثية ، الى موضع الفانتازيات الليبيدية ، وهي هنا تعمل بوصفها إمتداداً لـ ” الجسد الافترضي”.
وفي حقل ( رأي عام ثقافي ) كتب الناقد حسب الله يحيى حول ” دليل القارئ الى المطبوع الرديء ” ، وفيه قام بتفكيك ونقد فوضى الرداءة في الكتابة غير المسؤولة ، والاختلالات الناجمة عنها في الواقع الثقافي، ومن المؤشرات الأولية التي يراها الكاتب:
– إصدار صحف ومجلات وحتى كتب من قبل أشخاص أو مؤسسات أو دوائر رسمية … تسود فيها الفوضى ويشيع الجهل بدلا ً من إشاعة الوعي.
– في السنوات الاخيرة ظهرت فئة تمتلك المال والجاه والمكانة والمنصب تريد إمتلاك الشهرة والوجاهة الاجتماعية عن طريق إصدار كتب أو صحف أو مجلات تحمل أسماءهم ، مع انهم لا يتقنون حرفية التأليف ، ولا يعرفون أسرار مهنة الصحافة وغيرها من المؤشرات.
وفي حقل ( ثقافة عالمية ) أسهمت الشاعرة العراقية المقيمة في امريكا – بترجمة قصائد جديدة للشاعرة الأمريكية لويز غليك الفائزة بجائزتي البولتيزر ونوبل للآداب ، وهي قصائد ستصدر ضمن مجموعتها الشعرية القادمة ، وبذا تنفرد ” الاديب الثقافة ” بنشر هذه القصائد قبل صدورها في عام 2021.
كما تضمن حقل ( ثقافة عالمية ) حوارا ً مع الكاتب اليهودي جيرار حداد ، ترجمه الكاتب والمترجم المغربي عبد الرحيم نور الدين ، حيث تحدّث فيه عن غياب اليسار في اسرائيل باستثناء الحزب الشيوعي الذي يضم العرب بشكل أساسي ، واشار اليهودي حداد الى ان المثقفين اليهود هم اليوم أسرى إيديولوجية شبه شمولية ، ويرى بأن الحل يتمثل بإقامة دولة ثنائية القومية ، لأنه لايؤمن بحل الدولتين مع كل هذه المستوطنات.
وفي حقل ( نقد ) قدّم الدكتور رسول محمد رسول دراسة في ” جوهرية الانوثة والهرمون المؤنث في الابداع “، وقد قام فيها بزحزحة مفهوم ” أدب المرأة ” و” الكتابة النسائية ” و” الكتابة النسوية ” بـ ” مفهوم الكتابة الانثوية ” ، وبذا بنى ” مفهوم جوهرية الانوثة على فكرة ” جينوم الانوثة ” ، متقصيّا ً تاريخ هذا المفهوم عبر تطورات الوعي وتحولاته الفكرية لدى نخبة من الباحثات الاوربيات اللواتي ربطن بين ” الكتابة ” و” الأنوثة ” في ضوء مرجعيات العلوم الانسانية المعاصرة كعلم اللغة ومسائل النظرية الادبية وعلم التحليل النفسي وعلم التحليل الاجتماعي والإناسي ، وبالتالي كانت دراسة الدكتور رسول محمد رسول حفرية جديدة في التأسيس لمفهوم ” الكتابة الانثوية ” برؤية جديدة أيضا.
وتضمن حقل ( نقد ) أيضا مقاربة للدكتور وسن عبد المنعم ، حملت عنوان ” المقاصد فوق النصية ” ، وفيها قدّمت بنية مفهومية جديدة من حيث المصطلح والدلالة ، لتعنى بالمقصد فوق النصي – المعنى الذي لا يوجد في أجزاء النص وفواصله ، بل يُبنى بطريقة تراكمية في زاوية من وعي القارئ الى جانب المعنى العام للنص.
وتستعين الناقد بالدرس التداولي لايضاح العلاقة بين السياق والنص ، لأن المقصد فوق النصي يتعلّق كثيرا بالسياق ، ويمكن الكشف عنه أحياناً بدلالات نصّية ، تدفع المتلقي للبحث عن السياق الذي أنتج فيه النص ، وفي احيان أخرى لا يمكن التنبّه عن ذلك المقصد ، لأن النص بٌني بطريقة لا تلفت الى دلالات غير ظاهرة ، وهنا لا بد من معرفة السياق ابتداء ، وفي كلتا الحالين تسمي الناقدة المنهج الكاشف عن المقصد فوق النصي بـ ( المنهج السيا نصي) الجامع بين السياق والنص ، لأنه يعتمد تحليل الاثنين معا للكشف عن البعد الكامن ما وراء النص.
وقدّم الدكتور زياد أبو لبن في حقل ( قراءات ) قراءة لكتاب ” القدس في الشعر العربي الحديث ” للناقد عبد الله رضوان ، وقد أشار الناقد أبو لبن في ضوء الكتاب الى أن ” المفهوم الشعري الحديث تجاوز لغة المباشرة في القصيدة وتجاوز أدلجة الشعر بصوره المختلفة ، وأصبح شعرا ً يحمل جماليات الحياة وروحها”.
وكتب عباس عبد حاسم في حقل ( قراءات ) أيضا عن ” بنية التعالق في الجملة الشعرية ” من خلال ” حساسية السياق في شعرية مهدي القريشي ” ، وقد جاء في هذه المقاربة : ” تسعى هذه المقاربة الى ( بنينة ) التعالق بين الكلمة كـ ” بنية مفتوحة ” والجملة كـ ” خاصية علائقية ” من خلال ما يسميه جاكبسون بـ ” حساسية السياق” ، ومن ثم الكيفية التي يتبنين فيها ” شكل المعنى ” ، وذلك على وفق مقترح ماكس بلاك حول ( المركز والاطار) ، الذي جعل من ( المركز – كلمة ” ومن ” الاطار – جملة ” لـ ” يُحيل أحدهما على الاخر ” ، كما ينطلق الكاتب من فرضية ذات طبيعة معارضة لمفاهيم الشعرية السائدة ، وتقوم هذه الفرضية على ان الشعر لم يعد – لغة أو معنى ، ولكنه قد يتضمن معنى عابرا ً للمعنى أو معنى خارج السياق ، الذي يُحيط به ويشتمل عليه.