قحطان جاسم جواد
صدر للكاتب والمحقق الدكتور جليل ابراهيم العطية كتابه الجديد(عراقيون من القلب) وهو فصل من كتاب اخر(هؤلاء احببتهم) سيصدر لاحقا.يقع الكتاب في198 صفحة من القطع المتوسط. وهوعبارةعن سياحة استذكارية عن سيرة مجموعة من الادباء والكتاب سبق ان تعرف اليهم العطية، وعاش معهم اياما ومواقف تستحق القراءة.في مقدمته يتساءل المؤلف هل ان السيرة جزء من التاريخ؟ ويجيب:-ان الكاتب(شوت ويل يذكر انه كلما كانت السيرة تعرض للفرد في نطاق المجتمع،وتعرض اعماله متصلة بالاحداث العامة او منعكسة منها ،فأن السيرة في هذا الوضع تحقق غاية تاريخية،وكلما كانت السيرة تجتزئ الفرد وتفصله عن مجتمعه،وتجعله الحقيقة الوحيدة الكبرى،وتنظر الى كل ما يصدر عنه نظرة مستقلة،فأن صلتها بالتاريخ تكون واهية وضعيفة).
ويواصل المؤلف حديثه فيقول اننا اذا استبعدنا هذه النظرة الحديثة،فوجدنا ان فن التراجم من ناحية عملية كلما كانت الترجمةتعرض للفرد في نطاق المجتمع،وتعرض اعماله متصلة بالاحداث العامة او متأثرة بها،فان الترجمةتحقق هدفا تاريخيا
ويواصل :كلما كانت الترجمة تفصل المترجم عن مجتمعه ووطنه وتجعله الهدف الاسمى وتنظرالى كل يصدرعنه نظرة مستقلة،فان صلتها بالتاريخ تكون هشة بل مبتسرة. ويضيف: وقدانكر المفكر(كولنجوود وكذلك (توينبي) ان تكون السيرة او الترجمة جزءا من التاريخ لانهما يطردان من دائرة التاريخ مايتصل بالسيرة الذاتية كاعترافات القديس اوغسطين وروسو. ويقول توينبي (ان هذه الكتب تشتبك بالتاريخ لانها تدور حول اناس لهم قيمتهم في الحياة الاجتماعية)وبعد ان يبين خصائص بعضهم يقول توينبي(اذا علقنا التاريخ بالسيرة وقعنا في الخطأ من حيث الطريقة).في حين يرى ابن الجوزي ان التاريخ عبارة عن مجموعة متنوعة من السيروالتراجم .وكان اول من عني بالسير والتراجم في العراق الاب الكرملي من خلال كتبه ومجلته لغة العرب ،كما ظهر بعدهالكثير من كتاب السير والتراجم العراقيون منهم روفائيل بطي وجعفر الخليلي وغيرهما.
ويضيف العطية انه منذ فتوته عني بهذا الفن من خلال كتابته لسيرة الرصافي في مجلة السندباد المصرية متاثرا بما كتبه جعفر الخليلي.
والشخصيات التي ذكرها العطية في كتابه عراقيون من القلب كلها عاش معها ذكريات ومواقف ماعدا اثنان هما الشاعر عبدالمحسن الكاظمي الذي توفى قبل ولادته، لكنه تعرف على ابنته الدكتورة رباب.وكذلك الشاعر انستاس الكرملي الذي احبه من خلال مانقل عنه كوركيس عواد. من ابرز الشخصيات التي تحدث عنها شاعر الارتجال عبدالمحسن الكاظمي الذي تحدث عنه من خلال ماسمعه من بنته رباب فتقول( عندما توفت امي زارنا الشاعر احمد شوقي عام 1927 في منزلنا بشارع الملكة نازلي قبل ان يلقب بامير الشعراء.واخذ من خاطر ابي وقدم التعازي له ،فشكره والدي وحياه،ثم قدم شوقي مبلغا قدره خمسمائة جنيه هدية لي واردفها بالقول( ياسيدي لو تشارك بشئ من شعرك في الحفلات التي تقام من اجل اطلاق لقب امير الشعراء عليً) وانا ساجهر امام الملأ انك الامام وا ن اي جفاء بيننا قد زال.فضحك الشاعر الكاظمي وقال(لقد حسبتك جئت لتعزيتي وتفقد صحتي وما كنت اظن ا نك جئت لشراء ذمتي! وطلب الكاظمي من ابنته رد المبلغ ومرافقة شوقي الى باب الدار). وفي فصل اخر يتحدث عن الكرملي فيقول(ان جاك بيرك قال لي عن ماسنيون المستشرق الفرنسي انه يحسد الشعب العراقي على اشياء كثيرة منها القيمر عرب و العالم اللغوي الكرملي .وفي فقرة اخرى يذكرالكرملي انه اشار على ام كلثوم ان تغني قصيدة شوقي( سلو كأس الطلا ) عندما طلبت منه ان يرشح لها قصائد لبعض الشعراء المحدثين. ومن ذكريات العطية عن السياب يقول (ذات يوم التقينا مصادفة فقال السياب تعال حماتك تحبك سادعوك على فطور لذيذ جدا ودخلنا الى جريدة الحرية فاستقبلنا الاستاذ فيصل حسون نقيب الصحفيين انذاك.وبعد التحية قال السياب اليوم الفطور سيكون مضاعفا لاني دعوت جليلا فرد حسون ماذا اقول وها انت لاتكتفي بثمن ماعون واحد بل تدعو احد المعجبين بك!. وعن كوركيس عواد يقول( حبب لي علم التوثيق وعشق التراث ووجهني وجهة علمية صحيحة وفتح لي باب بيته ومكتبته الشخصية وارشدني الى الكتب المهمة . وذات مرة كتبت ملاحظات عن كتابه معجم المؤلفين العراقيين وفوجئت بانه نشرها في الجزء التالي من المعجم.