علوان السلمان
في مقدمة كتابه(رهانات شعراء الحداثة) يقول الناقد فاضل ثامر(كثيرة جدا هي رهانات الحداثة الشعرية واكثر منها رهانات شعراء الحداثة انفسهم وهم يؤسسون لبرامج ومشروعات شعرية فردية وجماعية ويسلكون فيها مسالك ومفازات متنوعة ومتقاطعة احيانا منذ بدايات ارهاصات الحداثة الشعرية الاولى في خمسينيات القرن العشرين وللآن..)
والشاعر فوزي كريم الذي تتبدى في شعريته هواجس المدينة و الاسطورة التي ينتمي اليها باعترافه كونها تحرره من الاوهام اضافة الى الخوض في عوالم التحولات الشعرية والمعرفية على مستوى المكان والفضاء الاجتماعي والتعبيري البصري والرمزي.. مما جعل منه اضاءة لافتة في المشهد الابداعي لما يمتلكه من مقومات معرفية في كتابة نص شعري مدهش يستفز ذاكرة المستهلك وينبش خزينها المعرفي.. كونه ينفتح على عوالم مبتكرة تؤكد قدرته الفذة الخالقة لصورها والكاشفة عن رؤاه الفكرية.. التي كشفت عنها تجربته الشعرية التي بدأت مع اول مجموعة له(حيث نبدأ الاشياء)1969.. تلاها (ارفع يدي احتجاجا) 1973.. بعدها يختار منفاه الضبابي (لندن) التي اكمل فيها تجربته التي لم تغادر جذورها وموروثها وتاريخها.. ومن هناك كانت مجاميعه الشعرية (عثرات الطائر)1983و( لا نرث الارض)1988 و( مكائد آدم)1991 و (قارات الاوبئة )1995 و ( قصائد من جزيرة مهجورة) 2000 و(السموات اللقيطة) 2003و( آخر الغجر)2005و( ليل ابي العلاء).. ومجموعة قصصية متفردة ( مدينة النحاس)1995.. ومعرض تشكيلي 2008.. اضافة الى الفضائل الموسيقية في اربعة اجزاء ( الموسيقى والشعر والموسيقى والرسم والموسيقى والفلسفة والموسيقى والتصوف) اما في الابداع النقدي فأنتجت عقليته (القلب المفكر.. الشعر يغني..ولكنه يفــكر ايضا )
الذي يــدرس فيه القصيدة المفكرة (قصيدة الافكار).. والتي يراها تستدعي موهبة لا تستقيم دون عنصر(العقل والمخبلة والعاطفة والموسيقا)..تلاه بـ (الشاعر المتاهة وشاعر الراية.. الشعر وجذور الكراهية)الذي تناول فيه تجارب شعرية لكل من (نازك الملائكة والسياب والبياتي وبلند الحيدري وسعدي يوسف وحسين مردان ومحمود البريكان وسامي مهدي وحسب الشيخ جعفر وفاضل العزاوي وسركون بولص..
منذ عشرين عاما وانا أتأمل ظلا
يقارب بين الكلام وبين الحجارة /39
فالنص عنده يقترب من الطبيعة وموجوداتها لتأكيد فاعلية الذات الكاشفة لتمثلات بصرية فضلا عن هيمنة خطاب النداء لمواجهة مهيمنة الغياب فضلا عن انه مشحون بالحزن الدرامي بكثافة وجدانية مستوحاة من تجليات الحرية الداخلية للذات ..التي ترتقي بالنص من المستوى اللفظي الى المستوى الحسي الوجودي..
فوزي كريم ..في نتاجه الشعري يحاول ان يقدم نصا يقوم على ثنائية (الانا) ثنائية (الانا) و(الاخر) التي تتجه صوب الالتحام والتواصل والتماهي لان (الانا) لا تدرك كينونتها الا في(الانت)مع اكتناز بمعطيات فنية وجمالية تسهم في اثراء الذاكرة بحكم اشتغالات الشاعر بمستويات شعرية قائمة على السردية والحوارية المنولوجية والموضوعية كون التجربة الشعرية عن فوزي كريم ذات معطيات فلسفية قلقة.. متوترة.. منبثقة من واقع مأزوم ومستقبل يحمل حلمية الذات. ومن التقابل بين الزمنين (الحاضر والمستقبل) تتوالد اللحظة الانفعالية التي تدفع (الانا) الشاعرة الى البحث عما يطفئ وهج الانفعال ويعيد اليها توازنها واستقرارها..