تأثير فادح لفيروس كوفيد-19 على النزاعات في الشرق الأوسط؟

الصباح الجديد-متابعة:

دعت الأمم المتحدة قبل نحو أسبوعين إلى وقف لإطلاق النار في دول تشهد نزاعات، للمساعدة في التصدي لكوفيد-19، إلا أن أمينها العام أنطونيو غوتيريش نبّه الجمعة إلى أن “الأسوأ لم يأت بعد”، فيما ما يزال تأثير الوباء غير واضح على نزاعات المنطقة من سوريا والعراق مروراً باليمن وليبيا.

وسُجّلت أول إصابة بالفيروس رسمياً في سوريا بعد أسبوعين تقريباً من بدء وقف لإطلاق النار في إدلب (شمال غرب)، بموجب اتفاق روسي تركي وضع حداً لهجوم واسع شنّته دمشق لثلاثة أشهر.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، شهد آذار/مارس مقتل 103 مدنيين، في أدنى حصيلة قتلى شهرية للمدنيين منذ اندلاع النزاع العام 2011.

وعلى الأرجح، فإن قدرة السلطات المحلية، من الحكومة المركزية في دمشق مروراً بالإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق) وائتلاف الفصائل على رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) في إدلب، على التصدي لمخاطر الفيروس سيضع مصداقية الأطراف الثلاثة على المحك.

ويقول الباحث المتابع للشأن السوري فابريس بالانش لوكالة فرانس برس “يشكل الوباء وسيلة لدمشق كي تظهر أن الدولة السورية كفوءة وعلى كافة المناطق أن تعود إلى كنفها”.

في اليمن حيث لم تُسجّل أي إصابة بعد، أبدى طرفا النزاع، الحكومة والمتمردون الحوثيون، دعمهما لدعوة غوتيريش إلى وقف القتال. إلا أن بصيص الأمل النادر خلال خمس سنوات من النزاع لم يدم طويلاً مع اعتراض السعودية صاروخين في سماء الرياض ومدينة حدودية، تبنّى الحوثيون إطلاقهما.

وردّت السعودية، التي تقود تحالفاً عسكرياً دعماً للحكومة منذ العام 2015، بشن ضربات على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ومن شأن تفشي فيروس كوفيد-19 في اليمن أن يفاقم الأزمة الإنسانية التي تُعدّ الأسوأ في العالم. ويهدد في حال بلوغه أفقر دول شبه الجزيرة العربية بكارثة إنسانية.

وما لم يتم التوصل إلى هدنة تفسح المجال أمام تقديم المساعدات الضرورية، فإن مصير سكان اليمن سيكون مجهولاً، في بلد انهارت منظومته الصحية وبات توفر المياه النظيفة نادراً ويحتاج 24 مليون نسمة فيه إلى مساعدات إنسانية.

على غرار اليمن، رحب طرفا النزاع الليبي بدعوة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار لكنهما سرعان ما استأنفا الأعمال القتالية وتبادلا الاتهامات بخرق الهدنة، بعد قصف تعرضت له منطقة عين زارا جنوب العاصمة طرابلس.

ولعبت تركيا مؤخراَ دوراً عسكرياً مباشراً في النزاع الذي يمزّق ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة في مواجهة القوات الموالية للمشير خليفة حفتر الذي اتخذ من شرق البلاد قاعدة له ويستمد شرعيته من مجلس النواب المنتخب العام 2014.

ومن شأن ذلك أن يصبّ بالدرجة الأولى في مصلحة حفتر، الذي بدأ قبل عام هجوماً للسيطرة على العاصمة، تحوّل حرب استنزاف أهلية، لا سيما أنّه يحظى بدعم روسيا ومصر والإمارات.

وينذر تضرّر الدول الغربية بشدّة من وباء فيروس كورونا المستجد، ليس فقط بتغيير وجهة مواردها العسكرية بعيداً عن الصراعات الأجنبية، لكن أيضاً بالتوقف عن ممارستها دور الوسيط في محادثات السلام.

ونقل تقرير عن مجموعة الأزمات الدولية أن مسؤولين أوروبيين أفادوا أن الجهود المبذولة لضمان وقف إطلاق النار في ليبيا لم تعد تحظى باهتمام رفيع المستوى بسبب الوباء.

لا يشهد العراق حالياً نزاعاً شاملاً، إلا أنه يبقى عرضة لهجمات يشنّها تنظيم الدولة الإسلامية في بعض المناطق ومسرحاً لشدّ حبال أميركي إيراني، كاد أن يقود إلى صراع مفتوح في وقت سابق من هذا العام.

وبرغم أن القوتين من بين أكثر الدول تأثراً بفيروس كوفيد-19، إلا أنّه ما من مؤشرات على توجههما للحد من المبارزة على الساحة العراقية مع مواصلتهما سياسة الردع والتهديد.

ومع مغادرة جميع القوات غير الأميركية تقريباً من صفوف التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية وإخلاء قواعد عسكرية، يُصار حالياً إلى إعادة تجميع الجنود الأميركيين، بعدد أقل وفي قواعد أقل.

وانتهزت واشنطن الفرصة لنشر بطاريات صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، في خطوة تثير الخشية من تصعيد جديد مع إيران، التي تُتهم مجموعات مسلحة تابعة لها بتنفيذ ضربات صاروخية على قواعد أميركية في العراق.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة