أحلام يوسف
مثلما ان هناك خيطا رفيعا ما بين الصراحة والوقاحة، هناك خيط رفيع ما بين المجاملة والنفاق، كيف يمكننا الفصل بينهما، وكيف يمكننا المحافظة على قوة هذا الخيط الفاصل؟
سعاد عبد الكريم الباحثة الاجتماعية تقول: يفصل ما بين المجاملة والنفاق خيط رفيع، لكنه واضح للعيان، ومتين من حيث القوة، المجاملة بيّنة مثلما هو النفاق، فالمجاملة عادة تكون بين من تربطنا بهم صلة قرابة معينة كأن تكون صلة رحم ودم او صداقة او زمالة في العمل، وغالبا ما تكون ردا على مجاملة من الطرف الآخر، او نستطيع القول انها تبادل عبارات محببة ولطيفة بين طرفين، شرط ان لا نقع في المحظور!
عن ماهية المحظور تقول: ان تكون المجاملة على حساب الحق، او لغاية شريرة، كأن أقول لأحدهم انت محق ولا تبالي لفلان، مع علمي بأن الأخير هو صاحب الحق، فهنا ابدأ بالنفاق لان ذلك تكون له غاية، او مصلحة ما دفعني الى الكذب وقول ما لا أعني.
وتتابع: النفاق، ترديد عبارات لطيفة لشخص لا أكن له أي احترام، او مودة، او ربما احترمه لكن ليس بالقدر الذي أعلنه له، لغاية ما في نفسي، او ربما لخوفي منه في حال كان الشخص رئيسي في العمل. مثل هذا الفعل يؤثر على صاحبه مستقبلا، فيبدأ احترامه لذاته يصاب بخلل، وأحيانا وكي لا يؤنبه ضميره او لا يلوم نفسه، يوغل بهذا الفعل ويبدأ بإقناع نفسه بأن ما يفعله هو الصواب، وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية.
ثم تعود الباحثة عبد الكريم لتصف المجاملة بأنها تقديم معروف ردا على معروف، سواء كان كلمة او فعلا. وتضيف: بنحو عام المجاملة تختلف عن النفاق بكونها فعل ارادي لسنا مجبرين عليه بل نقدم عليه بمحبة، اما النفاق فهو فعل نجبر عليه سواء بسبب الظروف، او بسبب مشكلة نفسية تجعله يجامل كل الناس على حد سواء، بغض النظر عن طبيعة علاقته بهم او طبيعة القرابة او حجم المودة ما بينه وبينهم، وهنا أعني بالمشكلة النفسية خللا ما وليس مرضا نفسيا.
وتوضح ان: المجامل يبقى على حاله، الا ان تغيرت طبيعة علاقته بهذا الشخص او ذاك، بسبب خلاف، او مشكلة، اما المنافق فيتغير حاله بمجرد انقضاء حاجته، سواء بحصوله على ما يريد، او بتغير المناصب التي يملكها هو او الآخر.
وتبقى الحدود المعقولة للمجاملة أحد أسس المحافظة على الخيط الرفيع الفاصل ما بينها وبين النفاق، فالمجاملة الزائدة عن حدها الطبيعي تدخل أحيانا في شبهة النفاق، خاصة ان كان الشخص لا يستحقها فعلا.
ما بين المجاملة والنفاق.. خيط رفيع
التعليقات مغلقة