خواطر وذكريات

-1-
العمرُ كالكتاب ،
سطورُه الأيام ،
وصحائفه الأعوام …
وهو نعمة من نعم الله الكبرى فالوجود خير من العدم .
-2-
ومن أروع ما يجب ان نلهج به في هذا المضمار هو دعاء الامام علي بن الحسين (عليه السلام) القائل :
” اللهم عَمِرّنّي ما كان عمري بذّلةً في طاعتك “
فما أجمل العمر المزدان بالصالحات وما أتعس العمر الملّوث بالمعاصي والاختراقات الخطيرة للخطوط الحمراء .
-3-
الحساب الشرعي للاعمار انما يكون وفقاً للأشهر القمرية ، ولكن معظم الناس لا يلجأون الاّ الى السنين الميلادية تناغما مع ما عليه الحال في دول العالم ..
ولا يخفى على الاذكياء انّ حساب الأعمار وفقاً للسنين الميلادية يجعل كبار السن يبدون وهم أقل أعماراً من أعمارهم الحقيقية ، وبالتالي يشبع رغباتهم في التشبث بالبقاء …
قال المعريّ :
تَعَبٌ كلُّها الحياةُ وما أعجبُ
الاّ مِنْ راغبٍ في ازديادِ
انّ الكلّ – وبلا استثناء – يشكو من صعوبة الحياة ومشكلاتها …
ولكنهم رغم ذلك يطمعون في أنْ تمتد أعمارُهم رغم ما يقاسونه من محن وصعوبات فالحياة مرّة حلوة ..!!
يقول الشاعر :
وما العمر الاّ غصةٌ وابتسامةٌ
وبين الأسى والبشر أيامنا تجري
هذه هي طبيعة الحياة
لن تصفو لأحد على مدار الأيام
ولن تمر أيامها على نمط واحد فسرعان ما يضحك الباكون ويبكي الضاحكون ..!
-4-
اليوم هو الرابع والعشرون من شهر شباط سنة 2020
وفي مِثْلِ هذا اليوم من سنة 1945م كانت ولادتي .
ومعنى ذلك انني أكملت اليوم الخامسة والسبعين من عمري .
-5-
حين كنتُ صبيا يافعا ، وفي مرحلة الشباب كنت انظر الى أبناء السبعين وكأنهم استوفوا من الاعمار أكبر مقدار ..!!
أمّا اليوم فانني لا أنظر الى نفسي بذلك المنظار … وكأنني لم أنفق من العمر الاّ القليل ..!
وقد قال الشاعر :
العمرُ للتسعين يسرع راكضاً
والنفسُ باقيةٌ على العشرينِ
-6-
عقلي يقول
حان وقت الحصاد ..!!
ونفسي تقول :
يارب لا تخرجني من الدنيا …
-7-
وخير الوصايا في هذا الباب هو القول المأثور :
(اعملْ لدنياك كأنّك تعيشُ أبداً واعملْ لآخرتك كأنك تموت غدا )
انّ الأعمار هي الفرص الالهية الممنوحة لنا للاستثمار .
فانْ أحسنّا استثمارها فُزْنا، والاّ فانّ الخيبة كبيرة والعاقبة خطيرة .
-8-
كنت أمني نفسي بان أشهد مصرع الطاغية الجبّار الذي أذل العباد وانهك البلاد بالحروب والفجائع، وقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى عليّ بذلك ولكنني – وببالغ الأسف والألم –
أشهد هذه الأيام المئات من شبابنا الاعزاء يضمخون بدم الشهادة الى جانب الآلاف من الأعزاء الآخرين من الجرحى والمصابين في غمرة انتفاضاتهم الشعبية المطالِبة بحياة حرّة كريمة عادلة، بعيدة عن المحاصصات والمحسوبيات والمنسوبيات ونهب الخيرات والثروات …
انّ هذا المشهد يهز المشاعر ويحّرك الضمائر ولا يُبقى لذةً للحياة ..!!

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة