بغداد ـ الصباح الجديد:
رقم قلة الجوائز التي تمنحها الدولة والمؤسسات الثقافية، إلا أن الحديث عن الظروف التي ترافق إعلان نتائج تلك الجوائز واعتراضات بعض المثقفين على الأسماء الفائزة، وإطلاق التبريرات والتوصيفات على الجهات الراعية، يستدعي سؤالا مهما، حول الظروف التي ترافق الاعلان عن الجوائز الثقافية، ومدى مطابقة نتائجها للشفافية والنزاهة، في اختيار الأعمال التي تستحق الفوز، بعيدا عن الاخوانيات والمجاملات التي تكون عادة على حساب النص والمنجز الثقافي.
الصباح الجديد، حاولت ومن خلال هذا الاستطلاع، أخذ آراء عينة من الكتاب والمثقفين، حول رأيهم بما يطرح من جوائز في الساحة الثقافية، في محاولة للوصول الى رؤية المثقف العراقي للجوائز التي تطلق في البلد.
علي سعدون / ناقد
تنطلق أهمية الجوائز الادبية والفكرية والفنية من سعيها الى اظهار التميز والتفوق في اعمال بعينها منتقاة من الكم الهائل لما ينشر ويظهر للعلن من مواد ادبية وفكرية وفنية. وربما ستعمل تلك الجوائز على الاشارة الى أهمية اعمال دون سواها . هذا أحد الاهداف الاستراتيجية لوجود الجوائز ابتداء . لكن معاييرها ستختلف من جائزة الى اخرى ، وسنرى الى جوائز دولية متعددة تعتمد الايديولوجيا والانحياز لقضايا دولية محددة معيارا لاختياراتها في الفوز الذي ينحى الى الترويج لتلك الأيديولوجيا وليس لاعتبارات التمايز الفني واهمية العمل الذي يتسم بالتفوق والقدرة على التأثير في المتلقي . وبالتالي ليست الجوائز كلها ذات سمعة جيدة على المستوى الدولي والاقليمي.
ما يهمنا هي الجوائز العراقية على وجه التحديد . جائزة الدولة التي تنظمها وزارة الثقافة سنويا على سبيل المثال ، وتستقطب مشاركين من داخل العراق وخارجه ، وهي جائزة بدأت تلفت الانتباه كثيرا بسبب اتساعها وتعدد منافذ المشاركة فيها لأكثر من جنس ادبي اضافة الى عدد من الاشتغالات الفنية. هذه الجائزة وإن مر على عمرها خمس سنوات تكاد تكون نتائجها معقولة ومقبولة من كثير من المعنيين والاوساط الثقافية بالاستناد الى نتائجها. ذلك انها لم تمنح الا لمبدعين عراقيين عرفوا قبل فوزهم بأهمية ما ينتجون من ثقافة وادب .
لست هنا في معرض مديح الجائزة ، لكن اعتماد الفوز لنماذج مهمة من منتجي ثقافتنا العراقية دليل على رصانة لجان التحكيم واعتمادها معايير الجودة والمضمون الجيد وقدرة العمل على تمثيلات الواقع العراقي الذي يخوض في اعقد الموضوعات التي تدخل في صلب هموم وتطلعات المتلقي العراقي .
لكن تلك القناعات التي تتشكل لدينا – كمنتجي ثقافة – ستنقسم تبعا للمزاج الشخصي في تقبل تلك النتائج، فما اراه من تفوق للأداء في النقد العراقي للكاتب الفائز سيراه غيري بصورة مغايرة والامر ذاته سينطبق على فروع الجائزة في اختصاصاتها الاخرى. لكن علينا ان نحترم الآراء المعارضة التي ترى الى الجائزة بعين الانحياز وخطأ المعايير، لان الابداع سيظل مختلفا عليه في الرأي والرؤية .. ما يدعوني الى النظر بنوع من التقدير الى جائزة الوزارة هي قدرتها واشارتها الى تفوق عدد من المتميزين في الثقافة العراقية بمختلف دوراتها كحاتم الصكر ومحمد غازي الاخرس وصادق ناصر الصكر وحميد الربيعي وعلي حداد وخضير فليح الزيدي واجود مجبل واخرين . اعني ان البراهين على دقة معايير اللجان التحكيمية سيتحقق من خلال فوز الاعمال المهمة لا ان يتم اختيار الاعمال لأسباب لا يدخل في جوهرها اهمية مضمون العمل وشكله واسلوبه وقدرته في التأثير.
حمدان طاهر المالكي/ شاعر
من طبيعة الجوائز إنها تضع نقطة الضوء على من يفوز بها, أي إنها مؤشر جيد للاهتمام للفائز من الناحية الإعلامية والنقدية وبطبيعة الحال فأن فائدتها المادية والمعنوية مهمة للفائز . في الواقع العربي هناك الكثير من الجوائز تمنحها دول ومؤسسات حكومية وغير حكومية , وأغلب هذه الجوائز لها سياسة معينة في منح الجوائز , هناك من يراد له أن يفوز رغم وجود الأرجح بسبب توصيات أو علاقات. وبطبيعة الحال لا يمكن الحكم بصفة قطعية على نتائج الجوائز بهذه التهمة , هناك مؤسسات مهنية تحترم الجمهور والمنجز ولكنها تبقى محدودة , تبقى مسألة الهجوم على النتائج تحصيل حاصل لما قلناه عن التجرد والموضوعية والمهنية التي يفتقرها منظمو هذه الجوائز , هذا جانب والجانب الأخر في الهجوم لا يخلو من كونه خصام مع مؤسسة لأسباب ما , أو ضغينة مع فائز , بالنتيجة الجوائز لا تصنع أديبا , ولكنها تبقى ضرورية لإدامة الحياة الثقافية .
جبار الكوّاز/ شاعر
الجوائز الثقافية عراقيا وعربيا وعالميا دائما ما تقع وسط اشكالية مكررة تتعلق في طبيعة الاختيار للفائزين مما يدفع إلى توجبه اتهامات ما انزل بها من سلطان فلو بدأنا بجائزة نوبل الدولية فلم تخل دورة من دورتها من اتهامات سياسية او عنصرية او ثقافية. ولهذا فإن جوائزنا العربية كجائزة. كتارا للرواية وغيرها وصولا إلى شاعر المليون وجوائز وزارة الثقافة العراقية التي تهتم بأنماط من الابداعات التي تدور في فلك الأدب والفنون والترجمة فجوائز الإبداع العراقية دائما ما توجه إليها اتهامات خطيرة حتى بات الفاحص فيها يخشى على نفسه منها وربما نستطيع أن نعزو ذلك إلى طبيعة الشخصية العراقية الإشكالية تاريخيا التي تعيش الحراك النفسي والتاريخ والإبداعي عبر العصور ولما كان الحراك اساس للإبداع فإن اية سكونية ملموسة تفرزها الجوائز تكون هدفا للانتقاد لا النقد… هل يمكن أن نحدد معايير خاصة نطبقها على المادة الخاضعة للتسابق؟! وهل نستطيع أن نجمع ثلاثة أفراد يجمعهم فن واحد ونجبرهم على السير وفق تلك المعايير ونحن نعلم ان الإبداع بحده حمال أوجه تأويلية وتثقيفية وتاريخية ولغوية واسلوبية وانطباعية ولهذا، لا نجد اثنين يتفقان على رأي واحد في نص او لوحة او دراسة.. هنا لابد أن نؤكد ان اية معيارية ستكون مشلولة في اصدار حكم متفق عليه بين مجموعة واحد من المختصين ولهذا أرى أن اعتماد مبدأ إعطاء حكما رقميا منفردا على نص ما وبعيدا عن تأثيرات الآخرين ومن ثم جمع النتائج وتقسيمها على عدد أعضاء الفاحصين للحصول علي رقم تنفسي للفوز هي الوسيلة المجدية في إعطاء نتائج مقبولة على قدر كبير من الدقة شرط أن يتم اختيار دقيق للفاحصين ومن اهمها الخبرة والسمعة الإبداعية الحسنة والشجاعة في ابداء الرأي وعدم الانحياز الشخصي او الشللي او الاجتماعي او الثقافي.. ومع هذا ستبقى نتائج اية مسابقة عرضة دائمة لهجومات تتكرر من الخاسرين في الجائزة.