مدوّنة العطر

علي نوير

” أبا مخنف ”
أيها الشيخ المجلّل بالسواد
لماذا وقفتَ حائراً
أمام سرّ عجزتَ كثيراً عن فهمهِ
ألم تعلم يا شيخي
أنّه يغشاني كلّما تطْرِفُ عينايَ بالدمع
وينتفض في داخلي هذا الألقُ العجيب

أيها الشيخ
لماذا ذهب الجميع
بتيجانهم وخيولهم المطهمة ِ
وآمالهم وأحلامهم
بخطبهم ورسائلهم
بشرورهم وحروبهم
ولم يبقَ غيرُ اسوداد الأثر
ممّا تتركه عادةً
الزواحفُ وهي تمرّ على الأرض الرخوة.
لماذا ذهب الجميع
ولم يبق إلاّ هذا العطر؟
الذي ينبعث الآن من مدونتكَ
لتنشره الريح أبعد ممّا تستطيعهُ الأكفُّ المتوثبةُ
وهي تهوي على الصدور العارية.

يا شيخي
أعرف أن ما دونتَه
لا يبتعد كثيراً عن حقيقة ما حدث
ليس لأنني أطلعتُ على أوراقِكَ الثبوتيةِ كاملة ً
بل أنّ ما حدثَ
وما يحدث الآن
سيحدث غداً
كلّما غدت مخالبنا أطول
وأعرف
أنّ ما دونتَهُ
ليس طمعاً بجائزة الدولة التقديرية
وإنما
كي لا نتبادلَ في الظلمةِ
– نحن أحفادَك المتبرمين –
روائحَ مريبةً
لا تصلحُ إلاّ للخديعةِ
والتباسِ الأثر

ولكن.. أجبني يا شيخي
لماذا أبقيتَ على ذلك السرّ ؟
لماذا تتناسلُ مدونتُك وحدَها مع الوقت
بأبطالها السبعين
ويختفي في الظلمةِ
كاتبُ السيناريو والمنتجُ والمخرجُ
والمهرجون والمرتزقةُ والذبّاحون المَهَرة
والطبّالون وحاملو الأوسمةِ والرايات ؟
………..
……….
أيها الشيخُ
لكَ المجدُ الذي تستحقهُ
مع أنكَ لستَ الواحدَ والسبعـين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة