التلوث البلاستيكي:
متابعة الصباح الجديد:
تعد المخلفات البلاستيكية من أخطر المشكلات البيئية في الوقت الراهن، حيث تهدد الحياة البرية وحتى حياة البشر، ومنذ سنوات تحاول دول العالم تخفيض نسبة إنتاج البلاستيك، في مسعى لتخفيف الضغط ولو قليلاً على النظام البيئي الذي يواجه تحديات أخرى، مثل الأمطار الحمضية، والمبيدات الزراعية، والمخصبات الكيميائية.
وبحسب الأمم المتحدة، فإنه يتم شراء نحو مليون قنينة مياه بلاستيكية كل دقيقة حول العالم، بينما يصل استعمال الأكياس البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة إلى 5 تريليونات كل عام. وقد تم تصميم نصف جميع المنتجات البلاستيكية ليتم استخدامها مرة واحدة فقط – ثم يتم التخلص منها، في تسعينيات القرن الماضي، تضاعفت المخلفات البلاستيكية نحو ثلاث مرات مقارنة بالعقدين السابقين، أما في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، فقد ارتفع إنتاجنا من النفايات البلاستيكية أكثر مما كان عليه في السنوات الأربعين الماضية.
اليوم، ننتج نحو 300 مليون طن من المخلفات البلاستيكية كل عام، هذا الوزن الذي يعادل تقريباً وزن التعداد البشري على كوكب الأرض، ويقدر العلماء أن البشر قد أنتجوا نحو 8.3 مليار طن من البلاستيك منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد انتهى المطاف بنحو 60 بالمئة من هذا البلاستيك إما في مكبات النفايات أو الطبيعة.
99 بالمئة من البلاستيك يتم تصنيعه من المواد الكيميائية المشتقة من النفط، والغاز الطبيعي، والفحم، وكلها موارد ملوثة وغير قابلة للتجديد، إذا استمرت معدلات الإنتاج الحالية للبلاستيك، فإنه بحلول عام 2050، يمكن أن تشكل صناعة البلاستيك نحو 20٪ من إجمالي استهلاك النفط في العالم.
كما يمكن أن تتخطى نسبة المخلفات البلاستيكية في البحار والمحيطات نسبة الأسماك بحلول عام 2050، إذا استمر الإنتاج البلاستيكي على هذا المنوال، وتصب الأنهار حول العالم، نحو 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات والبحار حول العالم سنوياً.
ويؤثر التلوث البلاستيكي البحري على 800 نوع على الأقل في الحيوانات البحرية في جميع أنحاء العالم، وتشمل هذه الآثار وفيات ناجمة عن الابتلاع، والتجويع، والاختناق، والعدوى، والغرق، والتشابك، الذي تتسبب فيه المخلفات.
وتقتل النفايات البلاستيكية ما يصل إلى مليون طائر بحري و100 ألف من ثدييات البحر والسلاحف الحرية والأسماك في السنة، وعندما تبتلع الطيور البحرية البلاستيك، فإنها تأخذ مساحة في معدتها، مما يتسبب في بعض الأحيان في الجوع.
وتم العثور على العديد من الطيور البحرية ميتة وبطونهم مليئة بالنفايات البلاستيكية. ويقدر العلماء أن 60 بالمائة من جميع أنواع الطيور البحرية قد أكلت قطعاً بلاستيكية، وهو رقم مرشح أن يرتفع إلى 99 بالمائة بحلول عام 2050.
إذ تنتشر مخاطر التلوث البلاستيكي على نطاق واسع ومتزايد بشكل سريع منذ نحونصف قرن، وتعد البحار والمحيطات التي تغطي 70 بالمئة من مساحة الأرض أكثر المناطق المعرضة للخطر، ما يؤثر على النظم الأيكولوجية للمحيطات والبحار جميعها، بما في ذلك الكائنات البحرية والعوالق الحيوانية التي يعتمد عليها الإنسان في غذائه اليومي.
ويعتقد البعض أن جل النفايات موجودة على اليابسة، ولكن الواقع والدراسات والبحوث تفيد بأن أغلب كميّة النفايات البلاستيكية ينتهي بها الأمر إلى مياه البحر والمحيطات، فآلاف الأطنان من بقايا الزجاجات والحقائب والأغلفة والأكياس تستقر في بطون الأسماك والطيور والسلاحف والحيتان.
البقايا البلاستيكية الظاهرة على السطح ليست سوى جزء صغير للغاية من هذه النفايات، فالأدهى والأمر هو الجزيئات البلاستيكية متناهية الصغر التي تغوص في القاع وتأكلها الأسماك وغيرها من حيوانات الحياة البحرية وينتهي بها الحال إلى أطباقنا اليومية.
وعليه بات يشكّل تلوّث البحار بالمواد البلاستيكيّة تهديداً مباشراً على توازن كل من الأنظمة البيئيّة البحريّة من جهة، وصحّة الإنسان من جهة أخرى. ولمادة البلاستيك تأثيرات سلبيّة على التنوع البيولوجي سواء على نحو مباشر أو غير مباشر، فعندما تدخل المواد البلاستيكيّة إلى السلة الغذائيّة عن طريق الجسيمات الدقيقة من دون أن تلفت الانتباه، فإنّ هذه المسألة البيئيّة تتحوّل إلى تحدّ كبير لصحة الإنسان ورفاهيته. ولذا فإن المحافظة على سلامة المحيطات تسهم في المحافظة على رفاهيّة الإنسان أيضاً.