-1-
بلغ الحقد الاموي غايته وانعكس على لسان الحجاج بن يوسف الجلاّد المعروف بعدائه لاهل البيت (عليهم السلام) فأنكر ان يكون الحسين (ع) من ذرية النبي (ص) .
يريد أنْ يُلغي النسبَ الطاهر فضلاً عن سائر المكارم والمآثر .
وهذا الحقد على الحسين (ع) مقرون بالخوف منه ومِنْ ذِكْرِهِ لأنّه المنار الهادي، والامام الناهض الذي علّم الأمة معنى الحرية والكرامة والانقضاض على الظلم والظالمين، ورسم طريق الخلاص من ربقة الاستبداد والطغيان .
-2-
واذا كان لم يستطيع الانتصار العسكري يوم عاشوراء فقد انتصر بدمه وأثبت أنَّ الدم ينتصر على السيف ، ذلك انه منذ يوم عاشوراء سنة 61 هـ وحتى يوم الناس هذا ، تجد الثوار في شرق الارض وغربها يتعشقون نهجه ويهتفون باسمه
وهذا ما يؤرق كلَّ حُكّام الجور وليس الحجّاج فقط . في مستدرك الصحيحين ج2 ص164 :
{ روى بسنده عن عاصم بن بهدلة قال :
اجتمعوا عند الحجاج فذكر الحسين بن علي ( عليهما السلام) فقال الحجاج:
لم يكن من ذرية النبي (ص)
وعنده ( اي عند الحجاج) يحيى بن يعمر
فقال له :
كذبتَ ايها الأمير
فقال :
لتأتيني على ما قلتَ ببينه ومصداق من كتاب الله عز وجل
أو لاقتلنك قتلاً
فقال : { ومِنْ ذُريتِهِ داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى
الى قوله عز وجل
وزكريا ويحيى وعيسى والياس }
فأخبر الله عز وجل : انّ عيسى من ذرية آدم بأمه ،
والحسين بن علي عليهما السلام من ذرية محمد (ص) بأمه
قال :
صدقتَ ،
فما حملك على تكذيبي في مجلسي ؟
قال :
ما أخذ الله على الانبياء لُيِبُينّه للناس ولا يكتمونه
قال الله عز وجل :
( فنبذوه وراء ظهورهم واستشروا به ثمنا قليلا )
قال :
فَنَفاهُ الى خراسان }
وهنا ملاحظتان :
الاولى
هذا النص يطلعنا على انّ الطغاة من الصلف والوقاحة بحيث أنهم يجهرون بانكار الثوابت والحقائق، والاّ فان القرآن الكريم قد عبّر عن الحسن والحسين عليهما السلام بالأبناء بصريح آية المباهلة :
( قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم )
ومع هذا تم انكار بنوة الحسين ع للرسول (ص) مِنْ قِبلِ كبير جلاوزة الامويين، العتل الزنيم الحجاج بن يوسف الثقفي، تقربا لأسياده الامويين مبغضي اهل بيت الرسول (ص) وعترته الطاهرة .
الثانية
ان علماء مدرسة اهل البيت (ع) لا يداهنون ولا يساومون على عقيدتهم وتكذيب يحيى بن يعمر للحجاج هو قمّة الشجاعة ، ذلك انه يعلم أنَّ عقوبات الحجاج صارمة قاسية ، ومع ذلك لم يتوقف عن الرد والمجابهة دونما خوف أو وجل ونفي الحجاج ليحيى بن يعمر الى خراسان جريمةٌ تضاف الى سجل جرائمه الكبيرة واختراقاته الخطيرة للموازين .
وقد حفظ لنا التاريخ موقف كل منهما ،
والاجيال تستعرض هذا التاريخ فتلعن الحجاج وأسيادَه لعنا وبيلا
وتترحم وتُثني على يحيى بن يعمر، شاكرةً له جرأتَه في الردّ على الحجاج، ونصرته للحق على الباطل، وأثباته صحة بنوّة الامام الحسين للرسول (ص)
وهنا تكمن العظة
حسين الصدر