الانتقال من الادارة المركزية الشمولية الى الادارة التعددية يحمل معه في كثير من الاحيان فجوات ترتبط بقلة الخبرة وحداثة التجربة وفي بلد مثل العراق تقلبت فيه الاحداث والمتغيرات تواجه سلطة الدولة ومصادر القرار العليا تحديات كبيرة في سبيل امرار توجيهاتها وتعليماتها الى الحلقات الأدنى وفي حقب مختلفة من عمر النظام السياسي الجديد تمكنت مجموعات مختلفة من التحكم بمسارات القرارات وحرفها عن الطريق الصحيح الذي تستهدفه تلك القرارات.
وهناك امثلة كثيرة حية مصداق لما نقوله ابرزها واخطرها مايتعلق بملف الامن والدفاع حيث تنبري جهات ترتبط بمنظومات حزبية وسياسية للالتفاف على البرنامج الحكومي والسياسة الحكومية في معالجة ملف الحشد الشعبي واعادة تشكيل القوات المسلحة العراقية وتثبيت ادوار التشكيلات الامنية والعسكرية في المرحلة المقبلة ومن المؤسف ان تستمر بعض الاطراف في تقويض الخطط الرسمية للدولة العراقية في دمج فصائل الحشد الشعبي مع القوات المسلحة حيث بانت في الايام الاخيرة ردود فعل وتصرفات تريد افشال هذه الخطط وهذا المسعى ودفعت باتجاه احراج رئيس الوزراء عادل عبد المهدي داخليا وخارجيا وماتزال هذه الاطراف توظف امكاناتها الاعلامية والسياسية باتجاه تشويه الاتفاقات بين جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية لحسم جميع المتعلقات بدمج الحشد الشعبي مع القوات المسلحة العراقية.
والاخطر من ذلك هو تمادي بعض المتحدثين الذين يمثلون بعض الفصائل المسلحة للتدخل بالقرار العراقي الرسمي فيما يتعلق بالتعامل مع الاحداث الخارجية ومحاولتهم سحب صلاحيات المؤسسات العراقية المعنية بالتعبير عن الموقف الوطني حيث تنطلق بين الفينة والاخرى تصريحات متسرعة وغير مدروسة مغلفة بالشتائم والتخوين وتهدد مسؤولين عراقيين او مسؤولين في دول الجوار او الدول الاخرى وتريد فرض اراء ومواقف على الحكومة العراقية بصيغ املائية لايمكن القبول بها بأي شكل من الاشكال وتتجاوز هذه المحاولات كل اشكال القرارات والتوجيهات الصادرة من المؤسسات العليا التي تؤكد وتطالب بعدم الخوض في امور وقضايا تخص امن العراق وسيادته وعلاقاته الخارجية مع دول العالم ومن المؤسف ان يتشارك في هذا الانتهاك والاختراق بعض اعضاء مجلس النواب الذين يتخذون من بعض منابر الاعلام وسيلة لتدخلهم في هذه القضايا وفي المجمل فإن كل هذه التحركات لانفع فيها ولا يجني منها العراق سوى المزيد من الفوضى وضررها يسهم في اضعاف الدولة وارباكها في وقت ومرحلة نحن فيها احوج ما يكون الى الوحدة والتكاتف في اعلان المواقف .
د. علي شمخي