سمير خليل
رعد حسين ديدان، فنان تشكيلي اختصاصه الرسم، لكنه اراد تجاوز المألوف باختيار طريق يؤمن الرزق بالموهبة، اختار ان يداعب الشمع، ليجعل منه عجينة طيعة، فصار يشكل منها اشكالا متنوعة ترتدي حلة الابداع.
في محله المزدان بمئات القطع الفنية من الشمع المنحوت، تحدث رعد حسين عن بداية علاقته بالشمع: بعد تخرجي من اكاديمية الفنون الجميلة نهاية سبعينيات القرن الماضي، كنت ابحث عن عمل منتج يعتمد على موهبتي بالتشكيل، ففكرت بعمل فني صناعي، وبالمصادفة استوقفني عمل فني مصنوع من الشمع في احدى الصيدليات، علمت انه للفنان اتحاد كريم، ظل هذا العمل يشغلني، حتى عرفت ايضا ان الفنان الراحل اسماعيل فتاح الترك هو الذي علمه صنع قالب هذا العمل.
وأضاف: استهوتني الفكرة، فبدأت من بيتي عندما هيأت غرفتين لتحويلهما الى مشغل، وبدأت العمل وكان باكورة عملي خمس قطع اعطيتها لأصحاب أحد المحال فأثارت اعجاب صاحبها، وخلال سنتين اي في عامي 1980 و1981 كنت اجهز الاسواق المركزية بأعمالي التي حجزت ركنا خاصا في هذه الأسواق، إضافة الى محال بابيت الشهيرة آنذاك، وبعد سنتين حصلت على اجازة ممارسة هذه المهنة بعد ان انتقلت بالعمل الى مكان أكبر.
*ومن اين كنت تحصل على الشمع؟
-الشمع من مشتقات الصناعات البترولية، وهي مادة عراقية متميزة وعالية الجودة، ولأنني كنت امتلك اجازة المهنة، فقد كنت احصل على حصة ثابتة من وزارة النفط.
وتحدث عن بداية العمل الذي اعتمد في تسويقه على الطبقة المتوسطة وقال: كانت الطبقة المتوسطة حينذاك تمتلك ثقافة ووعيا واهتماما بالفنون، فكانت القدرة الشرائية لديها عالية، حتى منتصف الثمانينيات عندما بدأت القدرة الشرائية تقل بسبب الشحة المادية فبدأت المهنة بالانحسار، حتى عندما اغلقت الاسواق المركزية أبوابها، كان آخر الاجنحة في اورزدي باك المنصور، جناحي الشمع والاقمشة، لكنني لم اتوقف، استمر الامر بالنسبة لي كهواية حتى افتتحت معرضا خاصا بي.
وتابع: الاعمال التي كنت انحتها اعتمد بها على قدرتي باللعب بالألوان وهي لعب اطفال، واعمال الخط والزخرفة، ورسومات أخرى. ومن اللعب التي لاقت رواجا آنذاك دمى شخصيات برنامج افتح يا سمسم انيس وبدر. اليوم ومع تطور العصر وتغير الرغبات فإننا ننتج كذلك الاكسسوارات التي تساير اذواق المراهقين.
*هل للنحت بالشمع مشاغل مماثلة لعملكم في العراق والعالم؟
-على حد علمي لا يوجد في العراق مشغل مشابه، هناك استيراد لأعمال الشمع، والسبب برأيي ان حرارة الجو لا تتلاءم مع صناعة الشمع، فكما تعرف ان الحرارة في بلدنا ترتفع بصورة كبيرة، تتلف معها اعمال الشمع. اما في تركيا مثلا فتوجد عشرة مصانع خاصة بالشمع، وفي اوروبا لا توجد فبسبب التطور التكنولوجي الذي قضى على الحرف اليدوية، فالطفل مثلا ينشأ على برامج تعتمد التقنية في التعليم وحتى اللهو.
ويختتم ضيفنا حديثه بانه لا يبخل بإعطاء معلومات لمن يسأل عن هذه المهنة، او الهواية، لذلك يشهد معرضه زيارات متعددة للشباب من شتى المراحل الدراسية ومؤخرا بدأ أحد ابنائه بوراثة المهنة وتسويق منتجاتهم عن طريق موقع خاص في فيس بوك.
بين الفن والمهنة.. الشمع ينطق جمالا
التعليقات مغلقة