الابتعاد عن الهدف !

اذا كانت اجراءات السيد عادل عبد المهدي في مجال مكافحة الفساد لم تؤتي اكلها مثلما كان يتوقع كثيرون فان البحث عن الاسباب لهذا الفشل ينبغي ان يكون مكانه الصحيح قبة البرلمان وللاسف فان مرور عدة اشهر على الاستراتيجية التي تحدث عنها السيد رئيس الوزراء في خطابه الرسمي عند توليه منصبه من دون نتائج حقيقية على ارض الواقع تمنح الاتهامات من قبل معارضي سياسة عبد المهدي الصدقية والشرعية في جميع الفعاليات التي نراها او نسمع عنها وفي مقدمة من ينبغي مساءلته هو المجلس الاعلى لمكافحة الفساد فهذا العنوان العريض خابت التوقعات حوله في الوقت الذي كان مامولا منه ان يؤدي دورا بارزا وفاعلا في مواجهة ادوات الفساد النشطة في المؤسسات العراقية فتشكيل مثل هذا المجلس وارتباطه برئيس الوزراء يعني قبول رئيس الوزراء المشاركة مع المؤسسات والهيئات المعنية بمكافحة الفساد وهي هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ولجنة النزاهة في مجلس النواب وبالتالي كان يمكن للمجلس الاعلى لمكافحة الفساد ان ينطلق انطلاقة قوية تميزه عن شركائه وتدعم الجهود للتضييق على الفاسدين وتتمثل مثل هذه الانطلاقة في تقديم الملفات التي تم حسم التحقيق فيها الى القضاء والاعلان بشفافية عن الاسماء المتورطة بها ومكاشفة الجمهور بتفاصيل هذه الملفات من دون خوف او تردد ولو ان السيد عبد المهدي خطا مثل هذه الخطوة لامكنه الحصول على دعم الشعب ودعم السلطة التشريعية والتنفيذية والانتقال الى المرحلة الاخرى والمتمثلة بابعاد من تحوم حولهم شبهات الفساد والاستفادة من قرار التحالفات السياسية بانهاء ملف الدرجات الخاصة بالاسراع في تعيين اسماء جديدة وازاحة من ادينوا باتهامات الفاسد او ثبت تورطهم فيها وفي كل هذا العمل يمكن القول ان السيد رئيس الوزراء اصبح قريبا من الهدف وان سهامه التي يطلقها هي في الدائرة الصحيحة اما وان الاكتفاء بعقد جلسات المجلس الاعلى لمكافحة الفاسد واصدار بيانات صحفية اسبوعية او شهرية تتحدث برتابة تقليدية عن الجهود التي تصب في عمل هذا المجلس واستعراض النشاط العام لعمل المفتشين العمومين وتكرار الدعوات الى مواصلة العمل والجهود من دون ان تكون هناك خطوات سريعة توازي حركة الفساد افقيا وعموديا فهذا يعني ببساطة ان مثل هذا المجلس اضحى جسدا من غير روح ويكفي ان القرار الذي اعلنت عنه وزارة الخزانة الامريكية والذي طال بعقوباته عدد من الشخصيات السياسية العراقية واتهمها بممارسة الفاسد يمثل استخفافا بالمؤسسات العراقية الرسمية المعنية بمكافحة الفساد واعلانا واضحا بفشل السلطة السياسية العراقية احتواء مثل هذا التحدي الخطير مما يشكل تدخلا واضحا في الشان العراقي وتهديدا لسيادة العراق.

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة