عجائب بابل .. تعجب العالم !!

وأخيرا .. وبعد جهود مضنية وعمل كبير شاركت فيه الكثير من الفعاليات على مستوى الوطن ، قررت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ، قبول ادراج مدينة بابل التاريخية على لائحة التراث العالمي ، بعد ثلاث سنوات من قبول المنظمة ، انضمام اهوار العراق والمناطق الاثارية المحيطة بها الى تلك اللائحة ، ففي تموز من عام ٢٠١٦ ، عشنا اجواء فرح عارمة ، عندما تم الاعلان عن ان اهوار العراق اصبحت تراثا عالميا ، فقد رقصت الچبايش ، وتمايلت مشاحيف الحمار والحويزة ، وصدحت الاصوات طربا ، فليس امرا اعتياديا ان يقبل المجتمع الدولي انضمام معلم طبيعي او مدينة تاريخية ، هكذا بسهولة ، انما ، الامر يحتاج الى جهود وحملة علاقات عامة ، لاقناع العالم باهمية الاهوار وعظمة بابل ، وهذا الذي حدث ، ولعل انضمام بابل التاريخية الى لائحة التراث ، جاء بوضع افضل من انضمام الاهوار ، فالأولى كانت محددة بشروط ينبغي تلبيتها على وفق توقيتات زمنية محددة ، ما يجعلنا قلقين من احتمال عدم الايفاء بتلك الشروط ، وبالتالي اعادة النظر بالأمر ، فتذهب كل تلك الجهود سدىً ، فيما جاء قبول اليونسكو بإدراج بابل ، من دون شروط ..
وقطعا ، وفي اجواء الفرح التي تغمرنا جميعا بهذا المنجز العراقي ، ربما ليس من المناسب ان نتحدث ، عما بعد ادراج بابل على لائحة التراث العالمي .. ولكن اجده مناسبا ان نناقش الامر ، ونتباصر فيه ، لكي نستثمر هذا المنجز الكبير لخدمة السياحة في بلاد الرافدين ، ولا ، شك ان اثار بابل وحضاراتها العريقة ، تعد احد اهم المواقع الاثارية في العراق والعالم ، فهي واحدة من عجائب الدنيا السبع ، وبالتالي نحقق النجاح المطلوب في تأهيل هذه الاثار ، بما يجعلها قبلة للسياحة العالمية ، وبالتالي تصبح من الروافع التنموية المهمة التي تدفع بالاقتصاد العراقي نحو التكامل والتنوع المطلوب ، وأمر مثل هذا ، لا يقل صعوبة عن امر الادراج ، بل يبدو اكثر تعقيدا وصعوبة ، ففي مرحلة مابعد الادراج ، نحتاج الى حشد الجهد الدولي في مسعى للحصول على دعم مناسب من الامم المتحدة ومنظماتها المختلفة ، والدول الصديقة والشقيقة ، لتأهيل وتطوير الاثار ، اما على المستوى الوطني ، فالمهمة اهم ، والجهود ينبغي ان تكون في اعلى مستوياتها ، وان ، لا تخبو جذوة الفرح التي غمرتنا الان بعد ايام ، وننسى بابل وآثارها العظيمة ، ليبقى الحال على ما هو عليه ، واذ نتحدث بهذه المنطق ، فإننا نشير الى حال الاهوار ، بعد ثلاث سنوات من قرار ادراجها ، اذ لم نشهد تغييرا في واقعها ، فعلى الرغم من وجود اقبال سياحي عليها ، الا ان الاهوار لم تشهد تطورا ، فبناها التحتية مازالت بائسة وتفتقر لابسط المقومات السياحية ،.فالاهوار مازالت تحتاج الى المزيد من العمل والتخصيصات لتحسين واقع سكانها وبيئتها السياحية ، فتخصيص ١٥ مليار دينار ضمن موازنة ٢٠١٩ لتأهيل البنى التحتية في الاهوار الممتدة على ثلاث محافظات ، لا تفِ بالغرض المطلوب .. اما الوضع في بابل ، فيحتاج الكثير ، بعد العبث والخراب الذي تعرضت له اثارها خلال العقود الماضية ، ومبلغ (59) مليار دينار التي جرى تخصيصها ، ايضا ، لا تلبي متطلبات التطوير ..
ولكن .. المهم الان ، ان بابل ادرجت على لائحة التراث العالمي ، وفي ذلك ضمان للمحافظة عليها ، ولكن الاهم ، ان المرحلة المقبلة يجب ان تكون مختلفة تماما عن مرحلة ما قبل الانضمام ، فقد ان الآوان لنرى حضارتنا العريقة التي بزّت كل حضارات العالم ، تعود لزهوها ، ونرى العالم كله يسجد في محرابها ، متلمسا طريقه نحو الخلود .. مبارك للتاريخ والجغرافية بما تحقق في باكو في تموز ٢٠١٩ بعد الذي تحقق في اسطنبول عام ٢٠١٦ ..

عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة