تستمر اكثر من 3 سنوات وتهيء لانتخابات مدنية
متابعة ـ الصباح الجديد :
توصل المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان وتحالف من أحزاب المعارضة وجماعات الاحتجاج إلى اتفاق لتقاسم السلطة لمدة ثلاثة أعوام يعقبها إجراء انتخابات في تطور دفع الآلاف للخروج إلى الشوارع للاحتفال بالخطوة الأولى نحو إنهاء عقود من الديكتاتورية.
ويحيي الاتفاق الآمال في انتقال سلمي للسلطة في بلد يشهد نزاعات داخلية وأزمة اقتصادية خانقة بعد ثلاثة عقود من حكم عمر البشير الذي عزله الجيش في نيسان.
وتوترت العلاقات بين المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد عزل البشير وقوى الحرية والتغيير بعدما قتلت قوات الأمن عشرات الأشخاص في مقر اعتصام خارج وزارة الدفاع يوم الثالث من يونيو حزيران.
لكن وسطاء أفارقة نجحوا في إعادة الجانبين إلى المحادثات المباشرة في أعقاب احتجاجات ضخمة ضد الجيش يوم الأحد.
وقال وسيط الاتحاد الأفريقي محمد حسن لبات للصحفيين إن الجانبين، اللذين عقدا محادثات على مدى يومين متتاليين، اتفقا امس الاول الجمعة على «إقامة مجلس للسيادة بالتناوب بين العسكريين والمدنيين ولمدة ثلاث سنوات أو تزيد قليلا».
وذكر بيان أصدره تجمع المهنيين السودانيين، أكبر جماعة احتجاجية في البلاد، أن الجيش سيتولى السلطة على مدى 21 شهرا الأولى بينما سيتولى المدنيون الحكم خلال 18 شهرا الباقية.
وقال البيان إن المجلس السيادي سيضم خمسة عسكريين وخمسة مدنيين وعضوا إضافيا يتفق عليه الجانبان. وأشار البيان إلى أنه سيتم الانتهاء من الاتفاق يوم غد الاثنين.
ويشمل الاتفاق تشكيل حكومة مدنية سميت حكومة كفاءات وطنية مستقلة برئاسة رئيس وزراء وإجراء تحقيق دقيق وشفاف ومستقل في مختلف الأحداث العنيفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة، رغم أن كيفية ضمان ذلك غير واضح في ظل الدور القيادي للجيش في الجزء الأول من المرحلة الانتقالية.
والقى المحتجون باللوم في أعمال العنف على المجلس العسكري وقوات الدعم السريع التي يقودها أبرز أعضاء المجلس الفريق أول محمد حمدان دقلو.
واتفق المجلس العسكري والمعارضة على إرجاء تشكيل مجلس تشريعي. وسبق أن اتفق الطرفان على أن تحالف قوى الحرية والتغيير سيحصل على ثلثي مقاعد المجلس التشريعي قبل أن تفض قوات الأمن اعتصاما أمام مقر وزارة الدفاع في الخرطوم في الثالث من يونيو حزيران.
وقال خالد عمر عضو قوى الحرية والتغيير للصحفيين امس الاول الجمعة «هذا الاتفاق هو الخطوة الاولى فقط».
وقال المحلل السوداني خالد التيجاني إن الجانبين قدما تنازلات في الاتفاق مشيرا إلى أن أكبر تحد يتمثل في توفر الثقة بين الطرفين لتنفيذ الاتفاق. وأضاف أن الحكومة ستواجه توقعات عالية وتحديات اقتصادية كبرى.
وقال شهود لرويترز إنه ما إن وردت أنباء التوصل للاتفاق حتى عمت الاحتفالات شوارع مدينة أم درمان الواقعة في الجهة المقابلة من الخرطوم عبر نهر النيل. وخرج آلاف الأشخاص من جميع الأعمار إلى الشوارع وأخذوا يرددون «مدنية! مدنية! مدنية!». وقرع الشبان الطبول وأطلق السائقون أبواق سياراتهم وزغردت النساء احتفالا. وفي بادئ الأمر لم يعرف كثيرون تفاصيل الاتفاق بسبب قطع الإنترنت بأمر من الجيش الشهر الماضي وعقدت قوى الحرية والتغيير اجتماعات عامة مساء امس الاول الجمعة لنشر أنباء الاتفاق.
وقالت ميرفت النيل عضو قوى الحرية والتغيير إنها أُبلغت بأن خدمة الإنترنت ستعود خلال الأيام المقبلة بعد إجراءات أمنية.
وقال شهاب صلاح (23 عاما) وهو خريج هندسة عاطل عن العمل كان يتحدث وهو يحمل علم بلاده «لقد انتصرنا على الظلم، هدفنا تحقيق الحرية والعدالة وإيجاد فرص عمل للشباب. الحكم المدني والديمقراطية هما مستقبل السودان».
وكان نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو، الذي يرأس قوات الدعم السريع ضمن من أعلنوا الاتفاق. وطمأن في تصريحاته جميع القوى السياسية والحركات المسلحة وكل من شارك في التغيير من الشباب والنساء بأن هذا الاتفاق سيكون شاملا ولا يقصي أحدا.
وأعرب عن شكره للوسطاء، المبعوثين الأفريقي والإثيوبي على جهودهم وصبرهم على الجميع. وشكر أيضا قيادات قوى الحرية والتغيير على الروح الطيبة التي تحلوا بها خلال التفاوض. وتتهم قوى الحرية والتغيير قوات الدعم السريع بقيادة عملية فض الاعتصام أمام وزارة الدفاع. ويقول مسعفون من المعارضة إن أكثر من مئة شخص قتلوا في عملية الفض وما تلاها من أعمال عنف. وتقول الحكومة إن عدد القتلى 62 شخصا فقط.
ودعت منظمة العفو الدولية لمنع قوات الدعم السريع، التي انبثقت من ميليشيات متهمة بارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفور بغرب السودان، من ممارسة أي أنشطة أمنية للمساعدة في تأمين الاتفاق.
ويعيش 40 مليون نسمة في السودان، بوابة أفريقيا من الشرق الأوسط وتتنافس قوى أجنبية منها دول الخليج العربية على النفوذ هناك.
ورحبت الإمارات والسعودية باتفاق تقاسم السلطة. ويرتبط البلدان بعلاقات وثيقة مع المجلس العسكري.