أحلام يوسف
العديد منا يلجأ الى الامثال الشعبية في اثناء حديثه او حواره مع أحد بشأن موضوع ما، والمثل بالضرورة يحاكي الحدث او الموقف.
بعض هذه الامثال أصبح مفهومها مشوشا، وبات الكثير لا يؤمن بها، والبعض يستنكرها ويجدها تدعو الى السلبية او الانهزامية في بعض الأحيان. ما هي تلك الامثال وما هو وجه الاعتراض عليها؟
“اطفر النهر ما طوله ضيق” يجد المحامي سجاد حرز بهذا المثل دعوة للسلبية، أي اهرب وأخلص نفسي قبل ان تتطور الحالة، او الموقف، او العلاقة، ويقول: لم لا انتظر واحاول بكل جهدي وبكل امكاناتي ان أرتب الأمور، فان استطعت ان أصل الى ما ابتغي فذلك خير، وان لم أستطع، فلا بأس لأني تعلمت شيئا ما بتلك التجربة، وسأبني مركبا واعبر النهر على مهل.
هناك مثل آخر نال نصيبه من الاستهجان يقول “الباب الي تجيك منه الريح سده واستريح” وعنه قال عمار ياسر طالب في جامعة بغداد: لمَ اغلق الباب، اليس الاجدر ان اواجه الريح؟ اعرف مدياتها، سرعتها وقوتها، كي اخطط لمواجهتها بما يكفي لصدها وابعاد الأذى عن نفسي. هذا المثل يذكرني بالمبدأ الشائع عن النعامة وهو دفن رأسها كي لا تشهد على الخطر المقبل نحوها، الريح يمكن ان تكسر الباب الذي اغلقته بوجهها ونمت مطمئنا! فماذا سأفعل حينها؟ اندب حظي ام عقلي الذي أوحى لي بفكرة غلق الباب؟
وكان رأي ميعاد القيسي مشابها لما ذكره عمار ياسر اذ ذكرت: لقد رددت والدتي هذا المثل عليّ كثيرا، لكني دائما اخبرها اني اكره هذا المثل السلبي، الذي يدعوا الى الحذر حد الجبن. والدي كان يشجعني على ان افتح الأبواب واواجه أي ريح، مادام لدي ما يكفي من أسلحة وحصانة، فهو يكره هذا المثل أيضا، ويجد ان غلق الباب امامها ما هو الا تأجيل للمواجهة.
يقول الامام علي عليه السلام ” ازرع جميلاً ولو في غير موضعه .. فلن يضيع جميل أينما زرعا”، هكذا بدأ مهند عبود حديثه وأضاف: هذه المقولة الرائعة، هي رد على المثل البائس “اتق شر من احسنت اليه”! كيف أحسن اليه واتقي شره هو تحديدا؟ لمَ لم يكتبوا اتق شر الأشرار او اللؤماء، أي وصف، لكن هذا المثل وبهذا الشكل المقيت وكأنها دعوة للامتناع عن صنع الجميل مع الاخرين، يجب ان نعي امرا، ان فعل الخير الذي أقوم به نابع من الخير بداخلي فلا انتظر حمدا ولا شكرا عليه، فان قدر الاخر عملي كان بها وان لم يفعل فقد قمت بواجبي الإنساني نحوه.
مثل آخر نال من الاستهجان والاستنكار الشيء الكثير ويقول “اني وخوية على ابن عمي واني وابن عمي على الغريب” فقد ذكر الشاعر بهاء النجار: مثل غبي بكل المقاييس، فقد اعطى حق الوقوف الى جانب الاقربين من دون أي شرط، فان كان اخي على باطل هل سأقف الى جانبه ضد ابن عمي الذي يمثل جانب الحق؟ هناك من يحاول تفسير المثل بصورة إيجابية فيذكر ان الوقوف الى جانب أحد ليس بالضرورة مناصرته، لكن ان تنصحه وتحاول تصحيح مساره، هل هذا تفسير مقنع؟ لا ابدا، هذا المثل من بقايا البداوة المتأصلة داخلنا، انا أقف الى جانب الحق، ولو كان عدوي من يمثله.
الامثال كتبها اجدادنا، وبما اننا لا نتوافق مع الكثير منها، فلم لا نفكر بتشذيبها، او كتابة امثلة أخرى نؤمن بها أكثر، ونجدها ملائمة لعصرنا، ام ان الامثال هي أيضا وضعت في خانة التقديس؟
أمثال الأجداد يرفضها الأحفاد
التعليقات مغلقة