بعد أيام من مقتل عشرات المتظاهرين خلال حملة أمنية في الخرطوم
متابعة ـ الصباح الجديد :
كشف مساعدون لاثنين من قادة حركة الاحتجاج امس السبت ان قوات الامن السودانية، اعتقلتهما بعد لقائهما رئيس الوزراء الإثيوبي ىبي احمد، خلال زيارته للخرطوم في محاولة للتوسط بين طرفي النزاع في السودان.
والتقى آبي أحمد الجمعة قادة الجيش والمحتجين في محاولة لإحياء المباحثات بين الطرفين بعد مقتل العشرات من المتظاهرين في حملة قمع دموية في العاصمة الأسبوع الماضي.
كما التقى آبي وفدا يمثل المعارضة ضم المعارضين محمد عصمت واسماعيل جلاب القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال.
وقال مساعدوهما لوكالة فرانس برس إنّ قوات الامن السودانية أوقفتهما لاحقا من دون أن تضيف اي تفاصيل.
وصرّح مساعد لعصمت لوكالة فرانس برس «عندما خرجنا من مبنى سفارة إثيوبيا (الجمعة بعد لقاء آبي) أوقفت سيارة فيها مسلحون محمد عصمت وأخذته إلى جهة لا نعلمها وبدون أن يقدموا اي تفاصيل».
واعتقل جلاب من منزله صباح السبت. وقال رشيد انوار من الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال لفرانس برس إنه عند «الساعة الثالثة من صباح اليوم (السبت) حضرت إلى اقامتنا سيارة فيها مسلحون واخذوا اسماعيل جلاب إلى جهة غير معلومة».
وعصمت وجلاب من قيادات تحالف الحرية والتغيير الذي يضم أحزابا معارضة ومجموعات متمردة مع قادة الاحتجاجات التي تهزّ السودان منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت.
وأوضح المصدر نفسه أن مبارك اردول الناطق باسم الحركة، الفرع الشمالي من حركة تمرد جنوبية سابقة، أيضا اقتيد إلى «جهة غير معلومة».
وكانت قوات الأمن «أوقفت» الأربعاء نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال من منزله في الخرطوم ياسر عرمان الذي كان قد عاد إلى العاصمة السودانية من منفاه أواخر الشهر الفائت.
ودان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توقيف عرمان.
وكان دعا رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إلى انتقال ديموقراطي «سريع» في السودان حيث التقى أعضاء المجلس العسكري الحاكم وقادة الحركة الاحتجاجية بعد أيام من مقتل عشرات المتظاهرين خلال حملة أمنية في الخرطوم.
ووصل آبي أحمد إلى الخرطوم لإحياء المحادثات بين قادة الجيش والمحتجين بعدما علّق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان إلى حين إفساح الجيش المجال لإقامة سلطة انتقالية بقيادة مدنية.
وأيّد الاتحاد الأوروبي خطوة التكتل الإفريقي وسط إدانات دولية لقادة السودان العسكريين على خلفية الحملة الأمنية الدامية التي استهدفت الاعتصام الذي استمر لأسابيع خارج مقر القيادة العامة للجيش للمطالبة بسلطة مدنية.
وقال آبي في بيان موقّع وزع على الصحافيين بعدما عقد اجتماعات منفصلة مع مسؤولي المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات إن «الجيش والشعب والقوى السياسية يجب أن يتحلوا بالشجاعة والمسؤولية باتخاذ خطوات سريعة نحو فترة انتقالية ديموقراطية وتوافقية».
وأضاف أن «على الجيش أن يحمي أمن البلد وشعبها وعلى القوى السياسية أن تفكر في مستقبل البلد».
وبينما رحب قادة الحركة الاحتجاجية بوساطة آبي إلا أنهم أصروا على أن أي محادثات جديدة مع قادة الجيش لن تتم إلا في حال استوفيت شروط معينة.
وقال أحد أبرز قادة تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» الذي قاد الحركة الاحتجاجية عمر الدقير «لدينا عدة شروط لعودة التفاوض».
وعدد للصحافيين الشروط قائلاً إن على المجلس العسكري الانتقالي «الاعتراف بوزر الجريمة» التي ارتكبت في ساحة الاعتصام و»سحب المظاهر العسكرية من الطرقات». كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للنظر في «مجزرة فض الاعتصام».
«حالة رعب»
ودعا الدقير المجلس العسكري لإعادة خدمة الإنترنت والسماح بالحريات العامة وحرية الإعلام.
ومنذ الهجوم الدامي، لزم سكان الخرطوم منازلهم لدرجة كبيرة، فبدت الشوارع شبه مهجورة خلال عطلة عيد الفطر على غير العادة.
وانتشرت عناصر من «قوات الدعم السريع»، المنبثقة من ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب فظائع في إقليم دارفور عامي 2003 و2004، في عدد من ساحات العاصمة الرئيسية. وشوهد آخرون في دوريات في شاحناتهم الصغيرة المعروفة في أوساط السكان وعلى متنها رشاشات ثقيلة أو قاذفات صواريخ.
وقال أحد سكان جنوب الخرطوم لوكالة فرانس برس «نعيش في حالة من الرعب جرّاء إطلاق النار المتقطع»، متحدثًا عن خوفه على أطفاله من النزول إلى الشارع مع تسيير عناصر قوات الدعم السريع دوريات في أجزاء من العاصمة.
وفي شمال الخرطوم، أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع الخميس بعدما أقام متظاهرون حواجز على الطرق مصنوعة من الصخور والقرميد وجذوع الأشجار.
وأكّد نائب رئيس المجلس العسكري السوداني محمد حمدان دقلو الذي يقود «قوات الدعم السريع»، أنّ البلاد لن تنزلق إلى «الفوضى» وتعهد إزالة جميع المتاريس.
وأعطى المتظاهرون والسلطات العسكرية حصيلة قتلى متباينة بشكل كبير جرّاء عملية فض الاعتصام. فأفادت لجنة الأطباء المركزية المقرّبة من المحتجين أن 113 شخصًا قتلوا في الخرطوم بينهم 40 تم انتشال جثثهم من النيل. بدورها، ذكرت وزارة الصحة أن الحصيلة بلغت 61 قتيلاً في أنحاء البلاد، 52 منهم قتلوا بالرصاص الحي في الخرطوم.
من ناحيتها أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان الجمعة أنّها أحصت 784 جريحاً في مستشفيات الخرطوم منذ بدأت الحملة الأمنية ضدّ المتظاهرين يوم الإثنين، مشيرة إلى أنّ «العدد الحقيقي ،قد يكون أكبر بكثير». ونُفّذت الحملة الأمنية بعدما انهارت المحادثات بين قادة الحركة الاحتجاجية والجيش بشأن هيئة الحكم الانتقالية التي ستحل محل المجلس العسكري الذي تولى السلطة عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 نيسان.
الصين تحمي العسكر من اجل مصالحها
ورغم تحقيق المحادثات عدة اختراقات في البداية، إلا أنها وصلت إلى طريق مسدود إثر مطلب المتظاهرين المدعوم من الغرب ومن معظم الحكومات الإفريقية بأن تضم الهيئة أغلبية مدنية وأن تترأسها شخصية مدنية.
وأعلن الاتّحاد الإفريقي ومقره أديس أبابا تعليق عضوية السودان «إلى حين إقامة سلطة مدنية انتقالية بشكل فعلي». ورحّب الاتحاد الأوروبي بموقف الاتحاد الإفريقي وطالب أيضاً بـ»وقف فوري للعنف و(إجراء) تحقيق موثوق بشأن الأحداث الإجراميّة في الأيّام الأخيرة».
وازدادت الضغوط على قادة المجلس العسكري لاستئناف المفاوضات، حتى من قبل الدول الخليجية التي تعد بين أبرز الجهات الداعمة للقادة العسكريين في السودان.
ودعت السعودية والإمارات، اللتان تعهدتا تقديم حزمة مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات دولار لدعم الجنيه السوداني وتمويل استيراد السلع الأساسية، إلى استئناف الحوار. وحتى الآن، حمت الصين التي استثمرت بشكل كبير في السودان، قادة المجلس العسكري من التعرض لأي إدانة في الأمم المتحدة.
والثلاثاء، منعت بكين المدعومة من موسكو محاولة من قبل مجلس الأمن الدولي الثلاثاء لإدانة قتل المدنيين في السودان وإصدار دعوة من قوى العالم لوقف العنف بشكل فوري، وفق ما أفاد دبلوماسيون. وقال مارك لافيرن من مركز فرنسا الوطني للأبحاث العلمية إن «السودان يحمل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للصين».