عندما تناقلت وكالات انباء اخبارا عن التحاق بعض الشبان الكرد بتنظيم داعش ، قال وزير الاوقاف في اقليم كردستان، علينا تغيير مناهج الدروس الدينية ، وهو بذلك قد شخّص أسا من أسس المشكلة الحقيقية التي طالما كتبنا عنها وطالبنا مرارا البحث في جذور الفكر التكفيري، القاعدي والداعشي والنصروي، في مناهج التربية الاسلامية التي تحتاج، ليس فقط الى اعادة نظر ، وانما الى فلسفة جديدة في تقديم التاريخ الاسلامي والنصوص القرآنية وقراءة الاحداث وتحليلها ، والتركيز على المشترك العام بين المذاهب وترك البحث في الاصول والحقائق للراغبين في نبش الماضي وقراءته..
قضايا القصاص والغاء الآخر بوصفه كافرا وفتح ابواب الجحيم امام الجميع باستثناء الفرق الناجية والمؤمنين الذين لاتزكية لايمانهم الا من الله، وغيرها من الافكار ، هي في جوهرها بذرة الفكر التكفيري ، ليس للاديان الاخرى بل بين المذاهب المختلفة ..
اعتقد ان الحرب الحقيقية الاخرى تقع في المناهج الدينية من الابتدائية حتى نهاية المرحلة الجامعية ، وهي حرب ينبغي ان تتوازى وتتناسق وتتوافق مع الحرب العسكرية وتدمير أذرع هذه التنظيمات..
وكتابة المنهج الجديد، ان تم القبول بالفكرة والاتفاق عليها يتوجب ان يكتب على ايدي اناس متخصصين يؤمنون حقا في التنوع البشري وعدم احتكار الحقائق وحجز الجنة لنخبة أو مذهب محدد فيما على الجميع ان يذهبوا الى الجحيم ..
الوجه الآخر للحرب الاخرى على الفكر التكفيري ، هو الوجه السياسي، بكل بساطة ، بالامكان هزيمة داعش ومن لف لفها كما يقال ، من دون كل هذا الحشد الدولي الذي يبدو كما لو ان الجميع في طريقهم الى ساحات حرب عالمية ثالثة ..
نعم الحل السياسي للمشكلات العرقية والدينية على اسسس العدالة واقامة دولة المواطنية ، هو الحاجز الحقيقي امام زحف التفكير والدواعش ..
لو سألنا انفسنا .. لو ان المشكلات السياسية في نينوى وصلاح الدين كانت محلولة على اسس صحيحة ، بما فيها تشكيلة الجيش ، هل كان بامكان الدواعش ان يحتلوا المدينتين بساعات؟!!
بوجود عشر مؤامرات وليس مؤامرة واحدة، وعشر خيانات وليس خيانة واحدة ، ما كان بامكان هؤلاء الاوباش ان يكونوا في المحافظتين كما هم عليه الآن لولا الازمة السياسية الخانقة في البلاد…
والسؤال نفسه ينطبق على الحالة الانبارية التي اختلطت فيها الاوراق الى حد كبير ، بين الدواعش وما يسمى ثوار العشائر او الناس الذين انتفضوا بسبب الاحساس بالعزلة السياسية اولا والتعامل مع قضاياهم على اساس الاصول البعثية والقاعدية مع وجود هذين الطرفين فيهما ,,
السبب الحقيقي لاندلاع ونمو الفكرالتطرفي ، حتى على مستوى الحركات اليسارية، هو انعدام الحلول السياسية للمشكلات والتحديات التي تواجه الناس والبلاد..
داعش بالامكان دحرها بتكاليف اقل بكثير تعتمد على سحب البساط الاجتماعي والمذهبي من تحت اقدامها ، بايجاد الحلول الحقيقية للمشكلات وتحقيق العدالة اولا والعمل الاستراتيجي على تغيير المناهج التعليمية كي لاتكون معملا لتفريخ المتطرفين وان كان يعمل على نار هادئة ..!!
عامر القيسي