غداة انعقاد مؤتمر وزاري للتحالف ضد «داعش»
متابعة ـ الصباح الجديد:
استبقت أنقرة اجتماع وزراء خارجية التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» بالتحذير أن صبرها سينفد في غضون أسابيع في حال عدم إخراج «الإرهابيين» من منبج شمال سورية، وشددت على أن «المنطقة الآمنة» على الحدود مع سورية يجب أن تكون تحت سيطرتها. وعشية الاجتماع حضت الولايات المتحدة دول العالم على استعادة مواطنيها ممن قاتلوا في صفوف «داعش» وتحتجزهم حالياً «قوات سورية الديموقراطية» (قسد).
وفي مؤشر إلى خلافات عميقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والهيئة التشريعية، وافق مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية كبيرة على تعديل ينتقد قرار ترامب سحب القوّات الأميركيّة من سورية وأفغانستان. كما حذّر تقرير صادر عن المفتش العام في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) من أن تنظيم «داعش» يواصل جذب العشرات من المقاتلين الأجانب إلى سورية والعراق كل شهر، كما يحصل على تبرعات خارجية باستمرار، وأشار إلى أهمية مواصلة دعم مقاتلي «قسد» في وجه «داعش» وتركيا.
وحذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أنه «إذا لم يتم إخراج الإرهابيين من مدينة منبج السورية، في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، فإن صبر أنقرة سينتهي»، مشدداً في خطاب أمس الاول الثلاثاء على أن «الأوضاع الراهنة في شرق الفرات ومنبج، على رأس أجندة تركيا، ولا يمكن للتهديدات بما في ذلك العقوبات، أن تحيدنا عن طريقنا».
وجدد أردوغان إصراره على «ضرورة أن تكون المنطقة الآمنة المزمعة في سورية تحت سيطرة تركيا»، مستدركاً أن بلاده «تحترم وحدة أراضي سورية وحق شعبها في تقرير مستقبله». وزاد أن «تركيا تدعم بكل صدق مسيرتي إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات حرة في سورية».
وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن قال: «توصلنا إلى تفاهم مع روسيا بشأن خريطة الطريق المتعلقة بمنبج وفق الاتفاق المبرم بين أنقرة وواشنطن»، مشيراً إلى أن «الإسراع في تنفيذ خريطة طريق منبج مهم جداً للعلاقات الثنائية مع واشنطن وأمن المنطقة ومسار الحل في سورية». وانتقد كالن «تكتيكات المماطلة التي لن تفيد أحداً».
وعشية أول اجتماع للتحالف الدولي ضد «داعش»، وصل وفد تركي يترأسه مساعد وزير الخارجية سادات أونال إلى العاصمة الأميركية واشنطن، لبحث الأوضاع في سورية، وعلى رأسها ملف مدينة منبج بريف حلب، وتطبيق خريطة الطريق حول منبج الموقّعة صيف العام الماضي.
كما من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على هامش أول اجتماع وزاري للتحالف بعد قرار ترامب سحب قواته من سورية.
وكشف مسؤول كبير في وزارة الخارجية أن أهداف الإدارة الأميركية في سورية لا تزال هزيمة «داعش»، وخروج كل القوات الإيرانية، والوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء الصراع.
وأوضح المسؤول أن الاجتماع لا يهدف إلى جمع تعهدات مالية رغم تأكيده وجود نقص مالي في موضوع المساعدات الإنسانية في شمال شرقي سورية والعراق، وجهود نزع الألغام وتثبيت الاستقرار. واستبقت وزارة الخارجية الأميركية اجتماع التحالف، وطالبت دول العالم باستعادة المسلحين الأجانب الذين ألقى حلفاؤها الأكراد القبض عليهم في سورية. ويقدر عدد أسرى «داعش» لدى «قسد» بنحو 850 مسلحاً من بلدان عدة.
وأوضح مستشار في البنتاغون أن بيان الخارجية يعكس معضلة ظهرت فجأة «نتيجة إعلان (قرار ترامب حول الانسحاب) لم يحظ بتنسيق ودراسة كافية عن انسحاب كل القوات الأميركية من سورية»، وزاد: «نحن الآن قد أثرنا أزمة، لأن الدول الحليفة لنا لم تكن تتوقع أنها ستضطر لاستعادة مسلحيها الأجانب».
وفي مؤشر إلى المعارضة الكبيرة في صفوف الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس ترامب، وافقت غالبيّة كبيرة من أعضاء مجلس الشيوخ (70 في مقابل 26) على تعديل ينتقد قرار ترامب سحب القوّات الأميركيّة من سورية وأفغانستان.
وعلى رغم إقرار التعديل بإحراز تقدم ضد تنظيمي «داعش» و»القاعدة» في سورية وأفغانستان، لكنه حذّر من أن «الانسحاب السريع» من دون بذل جهود فعّالة لضمان المكاسب يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة، ويخلق فراغاً يمكن أن تشغله إيران أو روسيا، و»يُمكن أن يعرّض التقدّم الذي تمّ إحرازه، وكذلك الأمن القومي للخطر».
ومن طهران، ندد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني بالعدوان الإسرائيلي على سورية، ملوحاً بأنه سيتم تفعيل تدابير متخذة للردع والرد الحاسم والمناسب»، وزاد في تصريحات أثناء لقائه وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم: «في حال استمرت إسرائيل في العدوان على سورية ستتلقى درساً يعتبر منه قادة إسرائيل».
وقال المعلم إن «الحكومة السورية تعتبر أن من واجبها الحفاظ على أمن القوات الإيرانية في سورية»، وزاد أن «المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية جاءوا بدعوة من الحكومة السورية، ومهمتهم تعزيز قدرات القوات السورية المسلحة».
ومعلوم أن إسرائيل استهدفت الوجود الإيراني في سورية عشرات المرات، وهدد أكثر من مسؤول إيراني رداً على الاستهداف الإسرائيلي بمحو إسرائيل، ولكن الرد كان محدوداً أو احتفظت دمشق وطهران وحليفهما «حزب الله» بحق الرد المناسب لاحقاً.