أحلام يوسف
كلنا نعلم ان العالم اليوم يسيّره الاقتصاد، فالحروب التي نشبت على مر السنين كان سببها اقتصادي. الثورات التي حدثت في اغلب بلدان العالم السبب الرئيس فيها اقتصادي، حتى الإرهاب الذي طال بلداننا في الآونة الأخيرة، كان الاقتصاد العامل الأهم بنشوئه.
كيف لنا ان ننهض بهذا الجانب المهم في حياتنا ونحن نشهد على التعطيل والتخريب للمصانع الذي يعدّه البعض متعمدا، والاعتماد على الاستيراد لكثير من المواد التي كانت تصنع داخل العراق.
الباحث الآثاري عامر عبد الرزاق تحدث عن ان العراق القديم كان يحكمه أناس على دراية بأهمية هذا الجانب من الحياة، وبأنهم اسسوا حضارات عظيمة، لأنهم عرفوا كيف يستثمرون مواردهم وامكاناتهم وقال: يمكن الاستناد الى فكرة سومرية للنهوض بالاقتصاد العراقي، وتوفير فرص العمل.
وأضاف: بعد اطلاعي على الحضارة السومرية والغوص بأعماقها، وجدت ان سر قوتها يكمن بالتطور الكبير في اقتصادها، والاستقرار والرخاء المالي الذي شهدته بلاد وادي الرافدين في تلك الحقبة. فقد اشتهرت لديهم صناعات عدة. والفكرة تتلخص باستيراد المواد الخام، وتصنيعها بورش عمل محلية.
وتابع: في بلاد وادي الرافدين كانوا يستوردون مواد قطع الذهب الخام من بلاد الهند وغيرها من البلدان، ويقومون ببناء مصانع خاصة لعمل أجمل الحلي، كذلك استيراد كميات من الخشب ومن خلال ورش تصنيع يقومون بصنع ما يحتاجونه. كانوا يستوردون حتى الاحجار مثل الديورايت والبازلت واللازورد والمرمر. وما يخص الملابس ومواد الطب كانوا يستوردون بعض المواد الخام ويقومون بإنشاء مصانع خاصة في عدد من مدن سومر لتصنيع الأدوية والعلاجات، وكذلك العطور.
ومن اجل صنع الأسلحة القديمة التي كانوا يستعملونها في أوقات الحروب والدفاع عن النفس كانوا يستوردون الحديد والبرونز.
عبد الرزاق قال ايضا: كل تلك المواد الخام كانوا يجلبونها بواسطة التجار الذين يتنقلون بين البلدان، ليقوموا بصنع ما يحتاجونها من ملابس الى حلي الى أسلحة الى أدوات منزلية وغيرها. هذه الفكرة توفر أموالا كثيرة للبلد فالمواد الخام تشترى بأسعار زهيدة، إضافة الى ان القيام بتصنيعها في بلاد سومر كان يوفر فرص عمل للمحتاجين.
البطالة أحد اهم أسباب الفوضى التي يعيشها الشباب اليوم، واحد اهم أسباب الانحراف عن الطريق القويم، لكن هل من مجيب؟ هل من المسؤولين من يعرف حجم مسؤوليته تجاه هؤلاء الشباب ويبحث عن فكرة لتحسين حياتهم؟ يقول عامر عبد الرزاق في هذا الشأن :اليوم تمتلئ السوق العراقية بغرف النوم والصالونات والمطابخ الإيطالية و التركية والتي تباع بقيمة ثلاثة إلى خمسة مليون دينار عراقي في حين لو قمنا باستيراد الخشب من إيطاليا مثلا، وقمنا بإنشاء مصانع وورشات عمل داخل العراق فستكون تكلفة الغرفة لا تتجاوز 750 ألف دينار عراقي، وبالتالي وفرنا أموالا للبلد ووفرنا فرص عمل للشباب، ينطبق المثل على الملابس التركية والهندية الموجودة في أسواقنا فلو جلبنا مواد الخام من القماش من تركيا أو الهند وقمنا بخياطته بمعامل خاصة فلن تتجاوز كلفة الفستان خمسة آلاف دينار فقط. وبذا نكون قد رفعنا جزاء من العبء الاقتصادي عليه.
نلاحظ اليوم بعض ورش النجارة بدأت بتصنيع المطابخ التركية والصالونات، لكن المواطن ظل يفضل المستورد، فالموضوع يحتاج الى عقول تجارية مدركة لتفاصيل الموضوع، المستورد ما زال الأكثر متانة والأكثر اناقة، لكن محاولتهم تقليدها امر يدعو الى الفرح. نتأمل مستقبلا ان ترتفع جودة المنتج المحلي الى مصاف المستورد، والمليون ميل يبدأ بخطوة واحدة.
وجهة نظر..حضارة سومر يمكن لها أن تكون المنقذ
التعليقات مغلقة