لعد ودم كامل شياع..؟

بعد ان كادت حادثة اغتيال صاحب مطعم ليمونة المغدور عماد المياحي؛ بالتحول الى ما يشبه الشرارة التي تطيح بالكثير من مظاهر الهشاشة والتشرذم في المشهد الراهن، حتى وصلت أخبار منسوبة لمصدر في وزارة الداخلية تعلن عن اعتقال ذلك القاتل. وهذا ما سارعت لتأكيده تغريدة احد المقربين من الاجهزة الامنية والتي جاء فيها (ان خلية الصقور الاستخبارية وبجهد متميز تلقي القبض على قاتل مطعم ليمونة، وفي فترة لم تتجاوز الـ 48 ساعة. والقاتل لا ينتمي لأي جهة حزبية ولا لأي فصيل عراقي ولا للحشد الشعبي المبارك. خلية الصقور تقبر الفتنة وتظهر الحقيقة على اصولها….).
طبعا لا يمكن تمرير ما جاء في تغريدة “الخبير الأمني” المستعجلة بكل ما فيها من تناقضات وتنافر مع بديهيات الامن والقانون، أو قبولها بوصفها “تقبر الفتنة وتظهر الحقيقة على اصولها” كما شهدت بذلك تغريدته المباركة. لكن ما يهمنا كمتابعين ومتورطين بهم ايصال المعلومة والمعرفة لسكان هذا الوطن المنكوب، هو طرح التساؤلات أمام مثل هذه الصولات والفزعات الاسطورية والتي تتمكن من القاء القبض على القتلة باوقات قياسية (أقل من 48 ساعة على وقوع الجريمة) في جرائم ما، وتعجز عن القبض على قتلة ما زالوا أحراراً بالرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على ارتكاب جرائمهم، كما جرى مع أحد أبرز الشخصيات الثقافية والسياسية العراقية الشهيد كامل شياع والذي اغتالته الأيادي الآثمة في 23/8/2008 على طريق محمد القاسم، والذي ما زال ملفه ودمه المسفوح غدراً وظلماً ينتظر من يتجرأ على “اظهار الحقيقة على اصولها”…؟!
ما المعنى الذي تحمله مثل هذه الاخبار والاحداث (والتي لا نعرف حتى هذه اللحظة مدى صحتها، ولا امكانية معرفتها في المستقبل المنظور)، هل هي كما دونته التغريدة التي اشرنا اليها، أم انها تحمل شحنات ومعاني اخرى قد تكون متنافرة والغايات الاساسية لوجود المؤسسات الامنية في الدولة الحديثة المستندة الى اساس وطيد من سلطة العدل والقانون من دون تمييز على اساس معيار الدمار الشامل والذي اعتمدته القوافل الغابرة، أي التمييز بين “اولاد الست وأولاد الجارية” كما نجده في مثل هذه المواقف والمعطيات.
لا احد ينكر حقيقة وجود جهد امني حقيقي وروح ايثار لدى غير القليل من العناصر الامنية، ولا التضحيات التي قدمت في مواجهة قوى الارهاب وعلى رأسها عصابات داعش الهمجية، لكن كل ذلك مهدد بالضياع والاساءة اليه، عندما يتم تسخير هذه الاجهزة لخدمة أجندات محددة تضع على رأس اولوياتها أهداف وغايات فئوية ضيقة. ان خبر القبض على قاتل مالك مطعم ليمونة وبهذه السرعة، هو أمر جيد (ان صح الخبر) بكل تأكيد ويعزز الثقة بالاجهزة الامنية، لكن ذلك سيتحول الى امر آخر ان لم يكن امتدادا لعمل وجهد يبذل بشكل مستمر ومتواصل ويتعاطى مع قضايا وملفات جميع الضحايا من دون تمييز على اساس الانتماء وما انحدر الينا من مصيبة (الولاء والبراء) التي تعتمدها الجماعات والفصائل العقائدية والآيديولوجية (الاسلاموية والحداثوية). لذلك ستبقى مثل هذه الاخبار مثار شك وتساؤل مشروع ما دامت مثقلة بمثل هذه الشحنات والصفقات والمفارقات الموجعة…!
جمال جصاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة